الاستشهادي سعيد الحوتري .. عملية أمنية أشبه بالقصص البوليسية
المجد- خاص
يصادف الأول من يونيو الذكري الثانية عشر للعملية البطولية “الدلفناريوم”
التي نفذها
الاستشهادي سعيد الحوتري والتي أدت لمقتل أكثر من 24 صهيوني وإصابة المئات.
هذه العملية تعد فصولها كفصول القصص البوليسية خاصة في التخطيط وتمويهات
يوم العملية وانتقال الاستشهادي إلى المكان المحدد بطريقة مذهلة أشبه بتلك القصص
التي استوحاها المؤلفين من وحي خيالاتهم.
ولد الشاب سعيد الحوتري في الأردن عام 1979 وواصل تعليمه حتى الحادي
عشر ثم اتجه إلى التعليم المهني وتعلم مهنة كهرباء المنازل، وينحدر من أسرة تسكن
الأردن في منطقة عويجان في الزرقاء وأسرته مكونة من تسعة أولاد ستة ذكور والباقي
إناث وسعيد من الزوجة الثانية لأبيه وحصل والده على لم الشمل من قبل زوجته وكان
والده في زيارة لقلقيلية قبل عدة أشهر من العملية.
قبل العملية
يمتاز الحوتري بالكتمان الشديد وحفظ الأسرار، وعلامات الذكاء واضحة عليه،
ويعرف متى يتكلم ومتى يصمت، وكان صمته أكثر من كلامه، شديد التأثر بالمواقف
الحزينة وخصوصاً بعد استشهاد رفيق دربه فادي عامر.
كان الاستشهادي الحوتري يمتلك الكثير من الحنكة في التخفي الأمني
والتمويه فقبل يوم من العملية ذهب إلى بيت شقيقه عبد الله وأعطاه هاتفه الجوال
وطلب منه الاتصال بشكل متواصل بأهله في الأردن مهما كانت التكلفة، وأخبره أنه تبرع
له بكامل الرصيد لكي يتواصل مع العائلة.
وكان القسامي الحوتري يريد من هذه الفعلة ايهام العدو أنه ما يزال في
منزل أخيه في حال كان هاتفه الجوال مراقباً، الأمر الذي أعطاه غطاءً جيداً سهل
عملية انتقاله لتنفيذ العملية في (تل أبيب).
قصة بوليسية
أما قصة وصول سعيد إلى (تل أبيب) فهي أشبه بالقصص البوليسية، فلقد قام
بتوصيل سعيد عميل يتعاون مع المخابرات الصهيونية يعمل على تاكسي أجرة.
حيث اتصل به أحد الأشخاص مدعيًا أنه يريد الذهاب إلى (تل أبيب)،
وفعلاً جاء العميل الذي يملك سيارة تحمل لوحة صفراء صهيونية تستطيع التحرك داخل دولة
الكيان دون مشاكل، فجاء العميل إلى قلقيلية، وركب مع سعيد وشخصين آخرين، نزل الأول
من السيارة عند المدخل الشرقي لقلقيلية.
واستمرَّ الاثنان في رحلتهما إلى (تل أبيب)، ولم يلاحظ السائق أو
الجاسوس أي شيء غريب، وعندما وصلوا إلى ملهى الدولفين في (تل أبيب) نزل سعيد، وظل
الشخص الآخر مع العميل وطلب أن يرجعه إلى قلقيلية وهنا بدأ العميل يشك.
وفي نصف الطريق استأذن العميل من الشاب الذي معه أن يتوقف في محطة
بنزين لتموين سيارته، وفعلاً توقف وذهب إلى هاتف عمومي وقام بالاتصال بأخيه، وهو
عميل أيضًا وبدرجة عالية عند الشاباك الصهيوني، فطلب منه أن يبقى مع الشاب في
مكانه حتى يتصل بالشاباك.
ورجع العميل إلى السيارة، إلا أن الشاب الذي انتبه إلى أن مؤشر
البنزين يشير إلى أن السيارة لا تخلو من البنزين، فأسرع بالهروب من المكان ولم يتم
القبض عليه، ورجع بمفرده إلى قلقيلية.
وعندما نفذ سعيد العملية الاستشهادية وسمع بها العميل الصهيوني جنَّ
جنونه؛ لأنه أصبح بنظر الشاباك الصهيوني متعاون مع كتائب القسَّام، وتمَّ تقديم
العميل إلى المحاكمة بتهمة مساعدة مخرِّب.
تنفيذ العملية
اخترق الحوتري صفوف
الشباب الصهيوني في مدينة (تل أبيب) التي لا تحترم حرمة يوم السبت، يقف معهم كأنه واحد
منهم. شباب وشابات بعمره، ولكن الاختلاف أنهم يصطفُّون لدخول ملهى ليليّ يُسمَّى
“الدولفين”، بعضهم سكارى، وآخرون يصطفُّون للدعارة، وجنود في زيٍّ مدني،
لكن سعيد لم يأتِ ليرقص أو يلهو، بل ليفجِّر نفسه، معلنًا استمرار المقاومة.
فبينما كانوا يلعبون ويسكرون في ذلك الملهى الليلي
الذي يقع بجوار شط البحر، بعد أن قام المهندس “أيمن حلاوة” برسم الخطة وإعداد
المادة المتفجرة التي وضعت بداخل طبلة عزف عليها الاستشهادي لحنه، لحن المقاومة.
وأحدثت العملية حالة رعب وفوضى لم يسبق لها مثيل لدى الصهاينة وقد
سجلت بعض المقابلات بعد العملية التي تمت ترجمتها إلى العربية والتي يقول فيها أحد
اليهود لا أريد أن أموت كالكلب وهو يبكي ويصرخ ويقول انه لم يعد هناك أي مأمن.