من الصداع إلى الإدمان… قصة هناء
المجد – خاص
“لم أتصور في يوم من الأيام أن
أكون هنا، أو أجلس هنا، أو أكن برفقتكم بهذه الحال” بهذه العبارة بدأت “هناء”
– اسم مستعار- حديثها مع مراسل موقع المجد الأمني،
لتحدثنا عن تجربتها المريرة في زمان غابت عنه الضمائر.
“هناء”
طالبة جامعية مستوى أول في احدى التخصصات الأدبية، متفوقة في دراستها عُرفت
بين قريناتها بنشاطها وحيويتها.
تقول “هناء”
عن تجربتها… ذهبت في احدى الأيام إلى الجامعة وقد كنت اشعر ببعض الألم في رأسي،
حضرت أولى محاضراتي والثانية، ثم بدأ الألم يزداد شيئاً فشيء، لاحظت احدى زميلاتي
شعوري بالألم واستفسرت مني عن بعض أعراضه. وكنت أجيبها بلا تردد.
تبسمت زميلتي
ومن ثم تناولت من حقيبتها شريط دواء وأعطتني منه حبة، طالبة مني أن أتناولها،
ترددت قليلاً… لكن سرعان ما قبلت تحت ضغط الألم وبعد أن أقنعتني بأنه مسكن ممتاز
وسريع للألم.
تناولت قرص
الدواء مع كوب من الماء احضرته زميلتي، وثم انتقلنا سوياً إلى مكان نجلس فيه. بدأ
الألم يخف بشكل تدريجي إلى أن ذهب تماما ولم أعد اشعر بشيء بعد أقل من ساعة
تقريباً.
أكملت يومي
الدراسي وعدت إلى المنزل، وفي نفس مساء اليوم اتصلت بي زميلتي لتطمئن علي.
لم تكن تربطني
علاقة قوية بزميلتي هذه، فأنا حديثة التعرف عليها فقط من خلال الجامعة، حتى لا أعلم
أين تسكن وعن وضعها الاجتماعي وغيره … كل ما اعرفه أنها زميلة للدراسة فقط!
في صباح اليوم
التالي توجهت إلى الجامعة لألتقي بزميلتي وشكرتها على مساعدتها واهتمامها وسؤلها
عني، بادرتني بالسؤال من جديد وعرضت علي أن أتناول قرص الدواء خشية أن يعود
الألم ويحدث لي ما حدث بالأمس.
ترددت قليلاً
لكنها أقنعتني بعدم وجود أي ضرر وأن مكوناته الدوائية تحتوي على فيتامينات مفيدة
للجسم، وتساعد على التركيز في الدراسة…. إلى أن تناولت قرص الدواء.
في اليوم
الثالث تكررت نفس الأحداث لكن هذه المرة عرضت علي عدد من الأقراص الدوائية كـ
“هدية” منها دون مقابل!! قبلت الهدية … ناولتني قرطاس من الورق
يحتوي على سبعة أقراص من الدواء… كنت غبية جداً … كيف أقبل دواء لا أعرف اسمه
حتى لم أسألها عنه … فقط اخذته وأنا مبتمسه. هكذا تقول “هناء”.
طلبت زميلتي
أن أتناول قرص واحد يومياً، ودعتني إلى تجربته وأن شقيقها الأكبر يعمل في إحدى
الصيدليات وهو من يمدها بهذه الأقراص الدوائية، وأخذت تحدثني عن بعض القصص التي
حدثت معها وأن هذا الدواء كان هو الحل !
تتابع
“هناء” اصبحت أخذ حبة دواء يومياً وكنت اشعر بحالة من الهذيان أحياناً
إلى أن نفدت الاقراص مني (اعطتني فقط سبعة اقراص)، بعد نفاذها بيوم واحد وأنا في
الجامعة بدأت أشعر بألم في رأسي لكن يختلف عن أي ألم مسبقاً، شعرت بي زميلتي توجهت
إليها وشكوت إليها ما أشعر به..
بدت على
زميلتي ضحكة صفراء غريبة وشعرت بأن هناك أمرا ما، عرضت علي أن آخذ حبة دواء وتظاهرت
بالبحث داخل حقيبتها عن الشريط لكنها لم تجده، فوعدتني أن تحضره لي غداً.
مساء تلك
الليلة لم أنم من شدة الألم والدوران الذي اشعر به، وما أن طلع الصباح حتى كنت في
الجامعة، بحثت عن زميلتي إلى أن وجدتها فطلبت منها الدواء فاعطتني قرصاً واحد،
اسرعت إلى تناول القرص لعلي ارتاح من الألم.
بعد تناولي
القرص بدأ الألم في الزوال وبدأ جسمي في الاسترخاء والشعور بهذيان، لم أحضر أي
محاضرة في ذلك اليوم، في آخر اليوم حضرت زميلتي إلى مكان جلوسي وعلى شفيتها
ابتسامة ماكرة، سألتني عن شعوري ومدى راحتي، فطلبت منها اسم الدواء وأن تتصل
بشقيقها وتسأله لأنني بحاجة إليه.
عرضت علي
زميلتي أن تشتري لي وتحضره غداً في الجامعة…. في صباح اليوم التالي كان صادماً
لي … حضرت زميلتي واستقبلتني بكل برود (ليس كعادتها) اخرجت من حقيبتها شريط دواء
وقالت هذا لك مقبال مبلغ كذا… نظرت إلى شريط الدواء وكانت الصدمة … قرأت اسمه
وأصابتني رعشة في كل جسدي لقد كان اسم الدواء “ترامادول” ، كم سمعت عنه
وكم قرات عنه لم أتخيل نفسي أن أتناول مثل هذا المخدر..
نظرت إلى
زميلتي وسألتها ماذا صنعتي؟ كيف تعطيني هذا الدواء؟ كان ردها بكل هدوء (عادي يا
صديقتي ليس هناك خطورة منه، وما تخافي هذا نوع طبي ممتاز وليس كما قرأتي عنه )…
اعدت شريط
الدواء إليها وذهبت وأنا غاضبة منها، كنت مترددة في أن أذهب إلى أحد مكاتب الجامعة
وأتقدم بشكوى ضد زميلتي، لكن … خشيت أن ينكشف أمري ويعلموا أني أخذت هذا
السم…
في نهاية
اليوم كاد رأسي أن ينفجر من شدة الألم وشعرت بحاجة ماسة إلى أن آخذ هذا الدواء،
وكانت زميلتي تراقبني من بعيد وتتحين الفرص لتعرض علي وكنت ارفض في كل مرة… إلى
أن عرضت علي أن آخذ “هذه الحبة وفقط” لكي يخفف ما بي من ألم … للاسف
قبلت
اشتريت الشريط منها، وجهت زميلتي بعض النصائح … أن أخفي الدواء عن اعين أهلي وأن علي
أن استمتع بحياتي !!!
وهكذا اصبحت
… اصبحت مدمنة… كلما قارب نفاد الاترامال سارعت إلى زميلتي وطلبت منها أن تحضر لي المزيد مقابل دفع المال…
عرضت علي
زميلتي بأن تعطيني الاترامال دون مقابل … فقط ابيعه لزميلاتي في الجامعة ومقابل
كل عدد من الاشرطة التي ابيعها وأروجها أحصل على شريط خاص بي… وللاسف قبلت بذلك
فأنا لا أملك المال الذي يساعدني على الشراء…
وختمت “هناء” حديثها بكل حسرة وغصة … اصبحت مروجة للاترامال … لا أحضر المحاضرات
ولا اتقدم إلى الامتحانات ومستوى الدراسة
لدي اصبح في الحضيض… جسمي أخذ في الضعف ولون بشرتي إلى السواد … أنا مدمنة و
مروجة لقد بعت الكثير لزميلاتي لقد دمرتهم بسبب زميلتي الفاسدة.