عمليات الضفة.. عودة مقاومة أم أحداث عابرة
المجد –
وكالات
فور مقتل
الجنديين الصهيونيين الأسبوع الماضي في حادثين منفصلين في أنحاء مختلفة من الضفة
الغربية، طالبت محافل سياسية صهيونية رئيس الوزراء بعدم إطلاق سراح المزيد من
الأسرى الفلسطينيين، وأنّ الرد على هذه العمليات يجب أن يكون حرباً ضد المنفذين،
وفي الأيام التي يعود فيها العنف ضد الجنود والمستوطنين لرفع رأسه أمام ضعف سياسي،
فيجب العودة، وفقاً للمطلب الصهيوني، والمطالبة بدعوة “الجيش لينتصر”.
فيما
اعتبرت أوساط عسكرية من داخل الجيش أنّ مقتل الجنديين مجرد مصادفة، ولا يشير
بالضرورة لتصعيد في الأوضاع الأمنية بالضفة الغربية، أو توجه جديد، وأن الجيش
سيعمل حتى لا يصبح ذلك توجها جديدا، بعد أن عزز نشاطه الميداني قدر الإمكان، عبر
الدفع بقوات جديدة.
وأشارت إلى
أن الوضع الأمني في الضفة الغربية اليوم يختلف تمام الاختلاف عن السنوات الأولى
للانتفاضة. فقد ذوت الانتفاضة أوائل عامي 2005–2006، والسيطرة الاستخبارية
“لـلشاباك” والجيش وأجهزة أمن السلطة عميقة جداً، مما أسفر في النهاية
عن هدوء جديد يشجع دخول يهود كثيرين إليها، ويهيئ أهدافاً جديدة للعمليات المسلحة.
كما يبدو
هدف الاختطاف للعملية مبادرة محلية وعمل فردي، وليس معلوماً وجود منظمة مسلحة تقف
وراء العملية، رغم ما يتوفر عند الجيش و”الشاباك” من إنذارات دائمة
بمحاولات اختطاف مستوطنين وجنود في الضفة في إطار جهد لفرض الإفراج عن السجناء على
الكيان الصهيوني.
وقد أحبط
في السنة الأخيرة عددا من هذه الخطط لخلايا من المقاومة في الضفة، عملت على نحو
عام بناء على توجيهات من قيادتها في غزة، وفقاً للمزاعم الصهيونية، لأن نجاح المقاومة
بالإفراج عن 1027 أسيراً في صفقة التبادل الأخيرة يحفز لمحاولات أخرى من قبل
المنظمة وفصائل أخرى، ولمبادرات محلية كما في هذه المرة.
في ذات
الوقت، يمكن توقع ألا تؤثر العمليات الأخيرة على العلاقات بين الكيان الصهيوني
والسلطة الفلسطينية، رغم أنه سيثير دعوات لعملية حازمة من قبل المقاعد الخلفية في
أحزاب اليمين الصهيوني.
لكن الجانب
المشترك بمحاولات الاختطاف في الضفة الغربية أن الخاطفين يدركون أنهم لا يستطيعون
احتجاز مختطف حياً، لأنه يوجب انشغالاً دائما حوله يثير الانتباه الاستخباري،
ولهذا يسارعون لقتله، وهذا وضع يختلف تمام الاختلاف عن الوضع في قطاع غزة، حيث
نجحت المقاومة بالإبقاء على “شاليط” حياً أكثر من 5 سنوات دون أن تنجح دولة
الكيان بمعرفة موقعه وتخليصه.
ومع ذلك،
فقد دفعت العمليات الأخيرة بقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الصهيوني للتشديد على
الأنظمة في الوحدات والرقابة في محطات النقل في المناطق الفلسطينية، حيث اكتشفت
دوريات سرية للشرطة العسكرية جنودا كانوا ينتظرون للركوب مجانا خلافا لأنظمة
الجيش، وقد عاقبهم قادتهم بشدة.
وبالتالي،
تعتمد السيطرة الاستخبارية الصهيونية في الضفة الغربية على تنسيق أمني وثيق مع
السلطة الفلسطينية، لكنها تعتمد قبل كل شيء على حرية عمل كاملة في الميدان،
بالقدرة على الدخول سريعاً وقت الحاجة لكل مكان في الضفة، واحتجاز مشتبه فيهم من
أجل التحقيق معهم، وهذا فرق بارز في الواقع الأمني بالقياس بالوضع الذي كان يسود
الميدان قبل 10 سنوات.
لكن ذلك لم
يمنع أوساطا أمنية صهيونية رفيعة المستوى من توجيه انتقادات حادة للسلطة
الفلسطينية، واتهامها بالتواني عن مكافحة العمليات المسلحة، وأن عملها بهذا
المضمار يدل على عجزها التام عن مواجهتها، مما يعكس تغييراً حادا في الموقف من
السلطة.
وللعلم،
فإنه حتى الفترة الأخيرة حظيت السلطة بالمديح والثناء من قبل الأجهزة الأمنية الصهيونية،
والخبراء العسكريين في الكيان، وأكثر ضباط الجيش و”الشاباك” ،على
التعاون الأمني الوثيق بين أجهزة الجانبين، والذي كان يتوج عادة بحملات اعتقالات
متواصلة لناشطين فلسطينيين في الضفة الغربية، لكن الأشهر الأخيرة شهدت إحباط
محاولات كثيرة لتنفيذ عمليات داخل الكيان الصهيوني، وتم إحباطها من قبل الكيان
الصهيوني فقط.
أخيراً،
يمكن القول: إنّ الوضع الأمني في الضفة الغربية نسبي، وذلك يحسب لسببين أولهما: أن
المخابرات الصهيونية على علم بكل ما يحدث فيها، وثانيا: التعاون الأمني بين الجهات
الفلسطينية والصهيونية في المنطقة، ورغم أنه يسمع من حين لآخر إمكانية نشوب انتفاضة
ثالثة، فإن هذا الأمر لا يصب بمصلحة الفلسطينيين الذين يعانون من ظروف اقتصادية
سيئة.