تقارير أمنية

أعظم قاتلة مأجورة لدى الموساد

ألمجد – خاص

استغلتها دولة الكيان لكي تطيح بالعقول المدبرة لمذبحة 1972 الأوليمبية. فيما يلي مقتطفات من الكتاب الجديد الذي يعرض تفاصيل الانتقام وعواقبه غير المقصودة.

كتاب “سيلفيا رافائيل: حياة وموت جاسوسة الموساد” هي قصة عميلة موساد متفانية شابة، كما روى موتي كفير، الرجل الذي دربها، ورام أورين، وهو صحفي وكاتب. يعتمدان فيه على أبحاث ومقابلات موسعة، ويروون فيه قصة صعود رافائيل إلى مكانة بارزة داخل الموساد وعملها ألاستخباراتي في محاولتها لتحديد موقع علي حسن سلامة زعيم منظمة أيلول الأسود الفلسطينية والعقل المدبر وراء مقتل 11 رياضيًّا صهيونياً في دورة ميونيخ الأولمبية عام 1972. أدى عدم تحديد نقطة الالتقاء من قبل فريقها في نهاية المطاف إلى القبض عليها وسجنها بتهمة القتل والتجسس.

سيلفيا، حسناء ذكية طويلة القامة وجميلة. كان جمالها هائلا إلى درجة أنه قد قيل إن الملك الحسين، ملك الأردن الراحل، أحاطها بعنايته، وكذلك فعل كبار قادة المقاومة الفلسطينية إذ وصلت ذات يوم إلى الأردن واختلطت بهم.

ولكن كيف ولماذا تركت سيلفيا أوروبا وتوجهت إلى منطقة الشرق الأوسط؟ ببساطة، وكما تروي هي لاحقا، لأنها عندما قرأت رواية الصهيوني ليون اوديس «اكسودس» عن عذابات اليهود في أوروبا، تذكرت أن أباها يهودي، حتى ولو كانت أمها بروتستانتية. وسيلفيا كانت ولدت وترعرعت في جنوب إفريقيا ثم انتقلت إلى روديسيا ومنها إلى بريطانيا إذ عاشت صباها، وقيّض لها ذات يوم أن تقرأ ذلك الكتاب الذي بدّل حياتها. إذ مذاك لم يعد لديها سوى هدف واحد: الذهاب إلى العيش في دولة العدو الصهيوني. وحدث ذلك فعلا في العام 1963، حين توجهت إلى الدولة العبرية إذ تعلمت هذه اللغة وأقامت في واحد من الكيبوتسات. وبعد ذلك راحت تدرّس اللغة الإنجليزية في تل الربيع المحتلة. وفي هذه المدينة كان أول احتكاك لها بـ «الموساد».

كان ذلك في العام 1967 غداة حرب يونيو/ حزيران، وفي وقت كانت فيه جماعات الفدائيين تقوم بعملياتها الأولى داخل الكيان الصهيوني، ولاسيما عبر الحدود الأردنية. في البداية، وكما سيقول الصهاينة لاحقا، لم تأخذ الحكومة الصهيونية تلك العمليات على محمل الجدية.

 شكل ذلك مصدر قلق لقادة الموساد، وكان من أهم مصادر القلق أن هذا النضال الجيد باغتهم وأنهم لا يعرفون شيئا عن قادة التنظيمات الفلسطينية. بالكاد يعرفون بعض الوجوه والأسماء، لكنهم واثقون بأن القادة المهمين هم غير أصحاب هذه الوجوه. ومن هنا ما إن انضمت سيلفيا إلى الموساد، حتى رؤي أن في إمكانها الآن أن تذهب إلى الأردن لتوفير كل ما يمكن من صور ومعلومات عن قادة المناضلين الجدد. وهكذا تحولت سيلفيا إلى صحافية، وصارت أوراقها الثبوتية تقول إن باريس هي مقرها الدائم.

وفعلا توجهت المرأة الحسناء إلى العاصمة الفرنسية. وهناك مسلحة بقلم دافق وأجهزة تصوير احترافية، راحت تكتب تحقيقات للكثير من المجلات الكندية والبريطانية والجنوب إفريقية وخصوصا لصحيفة «ديلي سكتش». ولاحقا سيقول مراسل بريطاني إذ يتذكر أنها كانت «مصورة جيدة وصحافية ديناميكية عرفت كيف تقيم علاقات جيدة مع الأوساط العربية والطلابية في باريس». وهكذا صار في وسعها أن تسافر إلى الأردن.

خطأ قاتل

والحقيقة أن نجاحها هناك كان أكبر مما توقعت. فهي بلطفها الماكر وجمالها، وحيث كل الأبواب تفتح في وجهها، حتى وصلت إلى القصر الملكي، إذ أصبحت، خلال فترة قصيرة، شبه مصورة رسمية للأسرة الملكية.

 فقد أسندت إليها قيادة «الموساد» في ذلك الحين مهمة جديدة، وضعت حدا لنجاحها المفاجئ والسريع. وكانت تلك المهمة تقوم على تصفية أبوحسن سلامة نفسه! وكان ذلك في العام 1973. وخلال زيارة لها لجنيف في ذلك الحين تنامى إليها أن جزائريا صديقا لها، سيلتقي المسئول الأمني الفلسطيني في النرويج خلال زيارة يقوم بها سلامة لهذا البلد في شهر يوليو/ تموز. وإذ نقلت سيلفيا الخبر إلى رؤسائها، بادر هؤلاء إلى تشكيل فريق من 15 عميلا أرسلوه إلى ليلهامر، وهي منتجع بحري غير بعيد عن أوسلو. أي المكان الذي يفترض أن يتم فيه اللقاء بين سلامة والجزائري.

كانت سيلفيا ضمن الفريق. وإذ «حصل اللقاء» المفترض ليلة 21 من الشهر نفسه، كان أعضاء الفريق كامنين فأطلقوا الرصاص على الشخص الذي اعتقدوا أنه أبوحسن سلامة، وقتل الرجل فعلا. ولكن سرعان ما تبين أنه ليس الزعيم المقصود، بل نادل مقهى مغربي يدعى أحمد بوشيكي.

على الفور تمكنت السلطات النرويجية من اعتقال ستة من أعضاء الفريق الموسادي بينهم سيلفيا التي حُقق معها وحوكمت وسجنت 5 سنوات ونصف السنة… وفي تلك الأثناء، أغرمت سيلفيا بمحاميها وتزوجته متخلية عن أحلامها الصهيونية القديمة… وانتهت حكايتها عند هذا الحد.​

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى