الأمن الوطني الإسرا-فلسطيني
لم نكد ننتهي من الحديث عن فساد وجرائم الأجهزة الأمنية في قطاع غزة حتى بدأنا حديثا آخر هناك في الضفة، حديثان لا يختلفان عن بعضها بعضا في شيء فكلاهما وجهان لعملة واحدة هي العمالة ، كنا نحذر من أولئك الذين يتدربون في اريحا والأردن ولم يكن احد يلقي لنا بالا إذ نحذر حتى إذا حصل ما حصل في غزة فانتبه العالم ولكن انتباهته جاءت مريضة، فقد تعامى من تجمعهم مصالح مع الاحتلال وأعوانه في المقاطعة وهم كثر عن جرائم الأجهزة القمعية ولم يذكروا سوى الحسم الذي قامت به حماس في الرابع عشر من يونيو 2007
واليوم نحذر من نفس المشكلة ونفس الخطر في الضفة.
وهذا يأتي في سياق تنفيذ الخطة الأمنية التي كانت احد إفرازات أنابوليس في السابع والعشرين من ديسمبر2007 ، فنفس الوجوه تتدرب اليوم في الاردن في مخيمات تدريب مكثفة جدا تحت الرعاية والإشراف الأمريكي، كانت آخر دفعة قبل ايام وسبقتها قبل ذلك دفعتان او ثلاثة وتستمر الدورة المكثفة لحوالي ثلاثة او أربعة اشهر، وفور انتهائهم يباشرون الخدمة فورا في إطار التزام عباس وفياض بالإسراع بتطبيق الخطة الامنية واتفاقات خارطة الطريق وذلك ايضا تحت الرعاية والاشراف الامريكي ،حيث بدأ تنفيذ الخطة في نابلس ثم جنين ثم هم يأملون بأن تستمر في الزحف حتى تشمل كل الضفة ويتم السيطرة عليها بشكل كامل ، وذلك تحت اشراف الجنرال الامريكي دايتون وهو نفسه المسؤول عن تدريب عصابات دحلان-دايتون في الفترة التي سبقت الحسم ، ومن هنا تتضح إحدى اهم الخيوط في هذه القضية، وأرسل ايضا جنرال امريكي آخر هو “فريزر” وذلك لمساندة دايتون.
هذه الخطة التي كان من أهم أهدافها بشكل مختصر امن “إسرائيل ” وذلك بإقصاء اي تهديد كان سواء كان معارضا لاسرائيل او السلطة وهو واحد وذلك بوسائل مختلفة منها التصفية او السجن …..الخ، فعدو اسرائيل هو عدو السلطة والعكس بالعكس صحيح ، ولم ننس بعد الحالات المتكررة والتي تحصل كل يوم من تسليم ضباط صهاينة ومستوطنين ضلوا الطريق الى احضان الصهاينة بعد ان تلقفوها بأحضانهم الدافئة في صورة تعكس ضمان امن المغتصب الصهيوني، ولنا من الادلة على ذلك الكثير فقد تجلت وسائل تحقيق الامن الاسرا-فلسطيني في التالي (طبعا كله تحت اسم “التنسيك” الامني) :
1- الاستدعاءات والتحقيق والتعذيب لمشايخ معروفين في انحاء الضفة المختلفة بل وتعدى ذلك الى حد القتل كما حصل مع الشيخ مجد البرغوثي وقد اكد التحقيق الذي صدر مؤخرا والذي طالب به عباس ذات نفسه ان البرغوثي تعرض للتعذيب في اقبية سجون عباس على ايدي اجهزة الامن الاسرافلسطينية ، وحالات اخرى موثقة تعرضت للجنون والصرع على اثر التعذيب الشديد عدا عن نقل العديد من المختطفين الى المستشفيات سواء في رام الله او نابلس .
2- ملاحقة المقاومة وسلاحها والدل عليها والقضاء على بعضها في حال تمكنهم من ذلك والا استعانوا بأحبابهم الصهاينة ليقوموا بذلك عنهم ولا تزال قصة اغتيال مقاومين في نابلس على أيدي قوات خاصة إسرائيلية وهم بين ايدي السلطة شاهدة وباقية ، واعتقال المجاهدين وتعذيبهم هو الشكل الاخر.
3- ارهاب الجامعات والحرب فيها حامية الوطيس والاعتقالات في صفوف ابناء الكتلة الاسلامية تجري على قدم وساق تجلى ذلك في فترة الانتخابات في الفترة القريبة الماضية كل ذلك لضمان غياب صوت المعارضة اي حماس وضمان وصول احباب السلطة ومناصريها الى رئاسة المجالس الطلابية في الجامعات وذلك لإقصاء حماس عن الجماهير، حيث امتنعت الكتلة في كثير من الجامعتات عن المشاركة وذلك لاختطاف الاحتلال واعوانه الكثير من أبنائها وممارسة الارهاب على جميع الطلاب وتخويفهم من عواقب انتخاب الكتلة الاسلامية ، مع ان الكتلة شاركت في بعض الجامعات وفازت رغم الطغوطات كما حصل في جامعة البوليتكنك، ونسب عالية رغم كل المضايقات والاعتقالات والإرهاب كما حصل في جامعة بير زيت وجامعة الخليل ، كل ذلك مارسته الاجهزة الامنية ولم تغب صورة الطالب في جامعة النجاح محمد رداد عن مخيلة الشعب الفلسطيني والذي قتل بدم بارد في ساحة الجامعة على ايدي الاجهزة الامنية الاسرا-فلسطينية وذلك عن عمد وتقصد، وأطلقت الرصاصة عليه من مسافة قريبة جدا بشهادة الشهود وبدلالة العلامات الجنائية والطبيب الشرعي.
وبعد كل هذا يطلع علينا وجه اصفر مقيت كالذي يسمى بتلفزيون فلسطين والذي اصطلح عليه الكثيرون على انه “تلفزيون فتح” ليبث على مسامعنا أغاني تمجد الاجهزة الامنية المجرمة وتجمل وجهها القبيح على انها حامية الحمى والمرابطة على ثغور الوطن (الأمن الوطني عزم رجال)، فاي اجهزة هذه واي امن هذا واي فلسطيني هذا الذي يتحدثون عنه وأي أحمق او جاهل لا يرى انه جهاز امن إسرائيلي بامتياز…..
وبعد هذا لا يسعنا ألا أن نقول بأن الصهاينة وأعوانهم في المقاطعة والأمريكان لم يتعلموا درس غزة جيدا فها هم يعيدون تكرار نفس الخطأ، وعلى الرغم من الاختلاف بين غزة والضفة الا ان الضغط لا يولد الا الانفجار وعاقبة الظلم أينما كان ظلام .