كيف أوقعت العميلات السياسيين؟
المجد
كتبت زينب خليل: ليس ضرورياً أن يكون الجاسوس ملماً بالنواحي العسكرية، أو يملك خبرة فنية في تخصص ما، أو ذو علم غزير يستفيد من ورائه "العدو"، فالجاسوسية الحديثة لا تشترط وجود أي من هذه الصفات لدى الجاسوس.
كل ما في الأمر أن يكون "منزوع" الانتماء، "فقيد" الضمير، يسعى بين أهله ومواطنيه كالحية الرقطاء تتربص بالفريسة، لكن لكل مخابرات في العالم دورها وعملها السرّي من أجل تأمين استقرار النظام ومصالح البلاد،ولهذه المخابرات وسائلها المشروعة وغير المشروعة لبلوغ غاياتها.
فـ"الجنس والمال" من أقدم الحيل المكشوفة التي يتم استخدامها في عالم الجاسوسية، لذلك تجد أغلب ممتهنيها يتسكعون في الخمارات ومجامع اللهو والقمار والفساد فإن الجاسوسية هي في واقع الأمر "حرب في الظل"، كما يصفها البعض.
وبتتبع التاريخ نجد هناك نساء جميلات وشهيرات استخدمتهن أجهزة الاستخبارات لاستخراج المعلومات، بسبب قدراتهن على إغراء كبار الشخصيات واستدراجهن أثناء الأحاديث الخاصّة.
وإن كانت "ماتا هاري" و"باولينا كوشمن" هن أشهر النجمات اللواتي عملن في هذا المجال بالغرب، فإنّنا نجد في العالم العربي، أيضا، نجمات تمّ إلحاق أسمائهن بقائمة المشتبه فيهن في عالم الجاسوسية.
راقصة أوقعها الحب في الفخ
بدأت حكمت فهمي حياتها كممثلة وراقصة استعراضية، وكانت أشهر راقصة مصرية في الأربعينيات (من القرن الماضي) ، ولكن حولها الحب لتصبح ضلع أساسي في شبكة تجسس لصالح ألمانيا النازية ضد الحلفاء أيام الحرب العالمية الثانية.
علاقة فهمي بضباط بريطانيا التي كانت تحتل مصر آنذاك، دفع الألمان للتفكير في تجنيدها لصالحهم، وبالفعل نجحت في ذلك دون أن تعلم الراقصة المصرية بتجنيدها من خلال جاسوس ألماني أوقعها في شباك غرامه، وقد كشف الكاتب الصحفي محمود صلاح عن قصة الحب التي تحولت لشبكة تجسس شارك فيها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات في كتابه "السادات والجاسوس".
جاسوسة فى فراش الملك
"كاميليا" أو "ليليان ليفى كوهين"غريمة أسمهان في عشق أحمد سالم، كانت فنانة وراقصة استعراضية تنبّأ لها الجميع بمستقبل زاهر مع النجومية، وفى الوقت نفسه اتهمت بالتجسس لصالح دولة الكيان، والحكاية تقول إن الملك فاروق آخر ملوك مصر قبل الثورة أعجب بها أثناء مرافقتها لأحمد سالم في إحدى الحفلات الخيرية، وأصبحت مرافقته الخاصة وذلك عام 1946، ما جعل الوكالة اليهودية تنتبه لذلك وتعمل على تجنيدها.
استغلت كاميليا علاقتها بالملك وكانت تمد دولة الكيان بالأسرار التى كان يبوح بها فاروق، وحينما اتهمتها الصحافة بالتجسس لصالح الموساد، أعلنت أنها لم تسافر لدولة الكيان أو القدس، وقامت بجمع تبرعات للجيش المصري المحارب فى فلسطين ولم يكن اتهامها آنذاك مبنيًا على دليل مادي وإنما على أساس تصورات عامة.منها كونها يهودية، وبراعتها فى الاتصال بكبار الشخصيات، والتصاقها بالملك، وكذلك ثراؤها الفاحش.
وأكد البعض أن موتها كان مدبرًا من قبل الحرس الجديد للملك سواء بعلمه أو بدون علمه بينما أكد آخرون أن مقتلها كان بتخطيط أجنبي.
خيانة قاتلة
رغم ولادة الفنانة راقية إبراهيم في مصر، إلا أن ولائها الأول والأخير كان لدولة الكيان، وظهر ذلك بشكل قوي عقب وصولها إلى أول سلالم الشهرة في الأربعينات، حيث لعبت دوراً كبيراً في تشجيع يهود مصر على الهجرة لفلسطين عقب حرب 1948، وإعلان قيام دولة الكيان.
ساهمت راقية مع الموساد لاغتيال عالمة الذرة المصرية سميرة موسى نتيجة رفضها عرض بالحصول على الجنسية الأمريكية، والعمل في المراكز العلمية بأمريكا.
عالم الجاسوسية كان ومازال من احدي ركائزه اعتماده على جاسوسيات تغزو مضاجع السياسيين والعسكريين وكبار الشخصيات من اجل جمع المعلومات وكشف الأسرار، فهناك حقيقة "سرمدية" تقر أن الجاسوسية برغم ما ينشر عنها من دراسات إنما هي "أمر" سري يغلفه الصمت ويحيطه الكتمان .
وبالرغم من اختلاف جاسوس اليوم عن جاسوس الأمس بفعل تطوير التكنولوجيا الحديثة والتقاط الصور الجوية بواسطة أقمار وطائرات التجسس، إلا أن الموارد "البشرية" لا يمكن إهمالها أو الاستغناء عنها، وستظل الجاسوسية أبد الدهر تعتمد على العملاء والجواسيس، مهما قيل عن احتلال الأجهزة والوسائل التكتيكية التي تلاشت أمامها حجب الأسرار وخفاياها.