المخابرات والعالم

أشهر جاسوسة في التاريخ ..

المجد

ما من رجل واحد أو امرأة  ممن يعملون من قريب أو بعيد في ذلك العالم السري  إلا ويعرف أسمها  وتاريخها حتى السينما خلدتها في أفلامها، إنها أشهر جاسوسة عرفها التاريخ،  ماتاهاري … راقصة هولندية إندونيسية  ولدت في جزيرة  جاوة  من أب هولندي وأم إندونيسية و اسم ( ماتاهاري)  يعني بالإندونيسية ( نجمة الصباح ) .

تزوجت من ضابط هولندي سكير أذاقها المر قبل أن يفر ذات صباح مصطحبا ابنتها الوحيدة دون عودة. وظلت تبحث عن ابنتها وتنتظر عودتها لسنوات وأخيرا قررت الرحيل فانتقلت للعيش في  باريس وهي في الثامنة والعشرين من عمرها، وفي باريس بدأت ماتاهاري مرحلة جديدة من حياتها فاحترفت الرقص في الملاهي الليلية وبلغت حدا لا بأس به من الشهرة جعل المشاهير يتهافتون عليها.

ولم يكن من الممكن أن تترك المخابرات الألمانية هذه الفرصة من يدها وفي ليلة من ليالي ماتاهاري  التقى بها ضابط ألماني وسيم من ضباط المخابرات الألمانية  وتحدث إليها على نحو مباشر وعرض عليها العمل لحساب  ألمانيا  التي تستعد لخوض الحرب العالمية الأولى .

وافقت على العمل لحساب الألمان وبدأت في توطيد علاقاتها بالمسئولين الفرنسيين وكبار قادة الجيش وبدأت المعلومات العسكرية تتسرب إلى الألمان على نحو أقلق رجال الأمن الفرنسيين  ودفعهم للبحث عن سر تسربها .

وأحاطت الشبهات بـماتاهاري إذ كانت أكثر المقربات للمسئولين ورجال الجيش  والدبلوماسيين الفرنسيين  ولكن كل هؤلاء أكدوا أن علاقاتهم بها لم تتطرق أبدا إلى الأسرار السياسية أو العسكرية .

ولكن شكوك رجال الأمن لم تبتعد عن ماتاهاري وفي إصرار راح طاقم أمن فرنسي كامل يراقب ماتاهاري ليلا و نهارا على أمل العثور على دليل إدانة واحد يتيح لهم إلقاء القبض عليها ومحاكمتها، ولكن شيئا من هذا لم يحدث لقد ظلت ماتاهاري على علاقاتها بالجميع  دون أن ترتكب خطأ واحدا أو تترك خلفها دليلا  ولو بسيطا  في حين استمر تسرب الأسرار العسكرية بلا انقطاع.

وهنا قفزت إلى ذهن أحد رجال الأمن فكرة لم لا تكون ماتا هاري  قد استغلت علاقاتها بالدبلوماسيين  وراحت تنقل رسائلها إلى الألمان عبر الحقائب الدبلوماسية التي لا يجوز اعتراضها أو تفتيشها، وعلى الرغم من أنه لا يجوز اعتراض الحقائب الدبلوماسية أو فحصها وتفتيشها فقد نجح رجال الأمن الفرنسيين في التقاط خطابات باسم ماتاهاري  من إحدى الحقائب الدبلوماسية  وراحوا يفحصونها  بكل دقة  وعلى الرغم من هذا لم يعثروا على دليل واحد.

كانت ماتاهاري تستخدم أسلوب شفرة شديدة التعقيد في مراسلة عملاء ألمانيا خارج فرنسا أسلوب يصعب إن لم يكن من المستحيل فك رموزه وحله وثارت ثائرة رجال الأمن عند هذه النقطة ودب الخلاف والشقاق بينهم .

كان بعضهم يرى ضرورة إلقاء القبض على ماتاهاري قبل أن تنقل إلى الألمان أسرار مخيفة قد تؤدي إلى هزيمة فرنسا في حين يرى البعض الآخر أن إلقاء القبض عليها دون دليل ينذرها بشكوكهم دون أن يكفي لإدانتها، وبالفعل تم إلقاء القبض على ماتاهاري عام 1916 م ومحاكمتها بتهمة الجاسوسية.

ولكن القصة لم تنتهي بعد فقد أنكرت ماتاهاري التهمة بشدة  واستنكرتها وراحت تدافع عن نفسها في حرارة وتؤكد ولاءها لـفرنسا واستعدادها للعمل من أجلها، وبدلا من أن تنتهي المحاكمة بإدانة ماتاهاري بتهمة الجاسوسية انتهت باتفاق بينها وبين الفرنسيين  للعمل لحسابهم والحصول على أية معلومات سرية لهم  نظرا لعلاقاتها القوية بعدد من العسكريين والسياسيين الألمان.

 والعجيب أن الفرنسيين وافقوا على هذا  وأرسلوا ماتاهاري بالفعل إلى مهمة سرية في بلجيكا حيث التقت ببعض العملاء السريين الفرنسيين هناك وقدمت لهم العديد من الخدمات النافعة ونقلت ماتاهاري بالفعل عددا من الأسرار الألمانية للفرنسيين ولكن الألمان ردوا الصاع صاعين لعميلتهم السابقة.

ماذا فعلوا ….

لقد أرسلوا لها خطابات مشفرة،  مستخدمين شفرة يفهمها الفرنسيون جيدا  مما جعل الفرنسيون يلقون القبض على ماتاهاري مرة ثانية بتهمة التجسس مع وجود الخطابات كدليل هذه المرة، ومرة أخرى تمت محاكمة ماتاهاري في باريس، وفي هذه المرة لم تنجح ماتا هاري في إقناع الفرنسيين ببراءتها فصدر الحكم بإعدامها، وتم تنفيذ الحكم في ماتاهاري.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى