المخابرات والعالم

فارس القلم “غسان كنفاني” وكيف استفز الموساد

المجد – خاص

"أموت وسلاحي بيدي، لا أن أحيا وسلاحي بيد عدوي" .. تمثل الرؤية الأكثر موضوعية في التعامل مع نموذج المثقف الثوري، المجسد باقتدار في شخص الشهيد غسان كنفاني، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، اغتاله الموساد الصهيوني وهو بالكاد يبلغ الـ36 من عمره، في 8 يوليو 1972، بالعاصمة اللبنانية بيروت، بتفخيخ سيارته بعبوة ناسفة تزن خمسة كيلو جرام ونصف، ما أدي إلى استشهاده مع ابنة أخته، ولم يتعرف على جثمانه إلا من خلال خاتم في إصبعه بعد أن تحول صاحب مقولة "تسقُط الأجساد لا الفكرة" إلى أشلاء.

وكانت عملية اغتيال كنفاني، الرد الصهيوني، على اقتحام مقاتلي الجبهة الشعبية، في 31 مايو 1972، مطار اللد، وقتلوا 40 صهيونيا وأصابوا قرابة الـ100، فأصدرت رئيسة وزراء العدو الصهيوني، "جولدا مائير" أمرًا للموساد باغتيال صاحب "رجال في الشمس"، وهو القائل "إن كل قيمة كلماتي كانت في أنها تعويض صفيق وتافه لغياب السلاح، وإنها تنحدر الآن أمام شروق الرجال الحقيقيين الذين يموتون كل يوم في سبيل شيء أحترمه".

سقط القلم لكن لم تسقط الفكرة التي بقيت تتوارثها عقول ووجدان الأجيال لتصنع واقع جديد من الانتصارات ربما لم يكن في مخيلة فارس القلم الذي ولد في "برقوق نيسان" في عكا، ورحل مع عائلته إلى صيدا اللبنانية بعد النكبة 1948، وانضم إلى حركة القوميين العرب، وعمل في التدريس في الكويت عام 1955، إلى أن استقر في لبنان مرة أخرى، عمل في مجلة الحرية، وترأس تحرير جريدة "المحرر"، وأسس مجلة "الهدف"، الناطقة باسم الجبهة الشعبية، بأن ارض البرتقال أثمرت رجال قصفت تل الربيع والقدس وحيفا وشكلت رعب للكيان عجزت عنه كل الأنظمة العربية وجيوشها.

أن تأثير كنفاني على الكفاح الوطني أثار حفيظة الكيان وأجهزته الأمنية بعد أثارت كتاباته الشباب ودفعتهم نحو المقاومة، فقد تُرجم أدبه إلى لغات العالم فصار عالميًا، وفي أعماله حمل قضية شعبه والناس الأكثر كدحًا وبؤسًا من هذا الشعب، وتحولت رواياته إلى أفلام كلاسيكية، وصار نجما ثقافيًا معروفًا، وعبر عمله السياسي والأيديولوجي داخل حزبه ومساهماته غير المسبوقة في تطوير فكر الجبهة الشعبية، وعمله كصحفي صار مقصدًا لكل من يريد فهم القضية من مشارق الأرض ومغاربها، وجمع ذلك كله ارتباطه المكين بشعبه في المخيمات، غير متنكر لواقعه الاجتماعي، ومأساة شعبه، مشدداً على أنه ليس من الغريب أن يصير قدوة ومثلًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى