تهدئـة وشـيكة في غـزة على ثـلاث مراحـل
رسالة من شاليت إلى أسرته تمهّد للاتفاق خلال ساعات
تهدئـة وشـيكة في غـزة على ثـلاث مراحـل
السفير اللبنانية
قبل يوم واحد من الموعد المقرر لاجتماع المطبخ الأمني الإسرائيلي المفوض باتخاذ القرار بشأن التعامل مع غزة، تسلمت عائلة الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حركة حماس جلعاد شاليت، رسالة جديدة منه، فيما تردد أن إسرائيل تتجه نحو قبول العرض المصري للتهدئة. وأشارت مصادر مصرية إلى أن التغيير في الوجهة الإسرائيلية من رفض التهدئة والميل للتصعيد، جرى في اليومين الأخيرين ومن دون تلميحات مسبقة.
واوضحت المصادر الإسرائيلية أن عائلة شاليت تلقت أمس رسالة أخرى من مكتب الرئيس الأميركي جيمي كارتر في رام الله، وهي الأولى له منذ عام. وبرغم أن حماس وعدت كارتر بتسليمه هذه الرسالة في زيارته الأخيرة للمنطقة في نيسان الماضي، إلا أن تسليمها بالأمس ليس معزولا عن ترتيبات إسرائيل العسكرية وتطورات المساعي المصرية للتهدئة.
ونقل موقع «هآرتس» الالكتروني عن مصدر سياسي إسرائيلي كبير تقديره أن رسالة شاليت هي جزء من محاولات حماس لتحقيق وقف النار في غزة، مشيرا إلى أنها تعتبر نوعا من بادرة حسن النية من قبل الحركة، على أمل ألا تربط إسرائيل قضية شاليت بموضوع التهدئة. ومن المعروف أن إصرار إسرائيل على هذا الربط، حال حتى الآن دون إعلان التهدئة التي تسعى الحكومة المصرية لتحقيقها في القطاع منذ شهور.
وتعززت التقديرات في إسرائيل في الأيام الأخيرة، بأن وجهة الحكومة الإسرائيلية في تعاملها مع غزة هي التصعيد وتنفيذ عملية واسعة. ومن المقرر أن يعقد اليوم اجتماع حاسم بحضور رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزيري الدفاع والخارجية إيهود باراك وتسيبي ليفني وقادة الأجهزة الأمنية، للبحث في خيارات العمل في القطاع. واعتبر هذا الاجتماع مقدمة للنقاش الذي سيجري غدا في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية.
وتم الإيحاء في وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن هذين الاجتماعين، اليوم وغدا، سيكونان حاسمين بشأن التهدئة أو التصعيد في القطاع. ويبدو أن المصريين وجدوا «السبيل الذهبي» لجعل فرص التهدئة أكبر من فرص التصعيد، من خلال الحصول على التزامات فلسطينية من ناحية وزيادة تعهداتها المطمئنة للإسرائيليين من ناحية أخرى.
وكان معظم الوزراء الإسرائيليين قد عارضوا التهدئة، لأنها في نظرهم تعزز من قوة حماس وتشكل خسارة لإسرائيل، ما لم تشمل قضية شاليت. وبدا في وقت ما أن باراك هو بين القلائل الداعين للقبول بالخطة المصرية للتهدئة. ولا ريب أنه كان في ذلك أقرب إلى موقف القيادة العسكرية، التي لم تكن متشجعة لعملية كبرى في غزة تكون معروفة شروط ابتدائها وليس شروط انتهائها.
وفي المفاوضات الطويلة التي أديرت حتى اليوم، كانت إسرائيل ترفض التهدئة من دون شاليت، وحماس ترفض التهدئة من دون فتح المعابر وخصوصا معبر رفح. وكانت إسرائيل ترفض التهدئة من دون ضمانات بوقف تهريب الأسلحة للقطاع، وحماس ترفض تقديم أي تعهدات في هذا الشأن. ويبدو أن المصريين الذين يديرون المفاوضات، وجدوا في التهدئة المتعددة المراحل وبضمانتهم، السبيل الذهبي لفتح المعابر وإطلاق شاليت وتحقيق التهدئة.
فقد أبلغ المصريون الإسرائيليين أن التهدئة تخلق الأجواء المناسبة لتحقيق تقدم في قضية شاليت. واشارت المصادر الإسرائيلية الى أن المصريين تعهدوا بالعمل من جانبهم على تحقيق مسائل عديدة: تكثيف المفاوضات بعد إعلان التهدئة من أجل إطلاق سراح شاليت، وعدم فتح معبر رفح بشكل منتظم على الأقل قبل إنجاز هذه المهمة، وبذل أكبر جهد من أجل منع تهريب الأسلحة من الجانب المصري إلى القطاع.
وهكذا من الصورة الإجمالية للمعطيات المتوفرة من الجانب الإسرائيلي، فإن الحكومة الإسرائيلية ستقبل اليوم أو غدا بالخطة المصرية للتهدئة. وهي تفهم هذه الخطة على أنها إشكالية لا تحقق لإسرائيل مرادها، لكنها تجلب الهدوء لمستوطنات غلاف غزة وتفتح الطريق للإفراج عن شاليت.
وأشار التلفزيون الإسرائيلي إلى أنه من المتوقع أن تعلن مصر اليوم أو غدا عن موعد بدء سريان التهدئة رسميا. وقال إنها ستكون على مراحل: في المرحلة الأولى يتم الإعلان عن الوقف التام لإطلاق الصواريخ أو تنفيذ العمليات على حدود القطاع من الجانب الفلسطيني، ووقف القصف والغارات والتوغلات من الجانب الإسرائيلي. وفي المرحلة الثانية تخفف إسرائيل الحصار المفروض على غزة، عبر فتح المعابر بينها وبين القطاع. أما معبر رفح، فيفتح في المرحلة الثالثة. وبرغم أن الخطة المصرية تخلو من أي بنود تشترط فتح معبر رفح بإنهاء قضية شاليت، إلا أن التلفزيون الإسرائيلي شدد على أن مصر تعهدت لإسرائيل بذلك.
ومن المقرر أن تعتبر الحكومة الإسرائيلية رئيس جهاز الامن الداخلي (الشاباك) يوفال ديسكين، الجهة المسؤولة عن تحديد مقدار «الانتهاكات» الفلسطينية لاتفاق التهدئة، خصوصا لجهة تهريب الأسلحة أو تصنيعها في القطاع.
وبتدقيق هذه المعلومات مع جهات فلسطينية نافذة خارج حماس، تبين أن غالبية الفصائل الفلسطينية ليست في أجواء التطورات الأخيرة. ومع ذلك، ابلغت جميع الفصائل مصر في الاجتماعات التي عقدت في القاهرة، استعدادها لقبول التهدئة، وإن أبقى بعضها تحفظاته إزاء حصرها في غزة وعدم سريانها في الضفة الغربية أيضا. ولذا من المحتمل أن نشهد في اليومين المقبلين كثافة اتصالات فلسطينية مصرية، لرؤية ما يمكن أن يلي إعلان التهدئة.