المخابرات والعالم

ما سبب الثقة العالية لأردوغان وعدم اعتذاره لروسيا ؟

المجد – خاص

بعد إسقاط سلاح الجو التركي لطائرة "سوخوي" الروسية التي انتهكت الأجواء التركية، لوحظ قدر عالٍ من القوة والثقة بالنفس في الخطاب الرسمي التركي، وظهر القادة الأتراك وعلى رأسهم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان مفعمون بالقوة والرزانة والهدوء، رغم توجه الإعلام والرأي العام العالمي نحو التهويل والتضخيم مما حدث، ورغم التصريحات الروسية الساخنة والمتوترةّ.

كما أن الرئيس أردوغان رفض أمام كل وسائل الإعلام العالمية الاعتذار الذي أصرت عليه روسيا، وحذر موسكو مما أسماه اللعب بالنار، وذهب إلى أبعد من ذلك بتحدي بوتين بقولة "سأتنحى لو صدق اتهامك، فهل تتنحى إن ثبت كذبك؟"

فمن أين تنبع هذه الثقة العالية بالنفس في مواجهة الدب الروسي وتهديداته؟ تمتلك تركيا أوراقاً وأسلحةً إستراتيجيةً تجعل من روسيا تفكر ألف مره قبل الإقدام على أي خطوة تصعيديه ضد تركيا ومن أبرزها:

الممرات المائية الدولية: تطل تركيا على أهم مضيقين "البسفور والدردنيل" التي من خلالها تستطيع أن تحجب أي من الدول المطلة على البحر الأسود بمن فيهم روسيا من التواصل مع العالم بحريا قبل أن تأخذ الإذن من سوريا.

عضوية الناتو: تعتبر تركيا عضو في تحالف الناتو هو الحلف العسكري الوحيد الذي يلعب بالساحة الدولية اليوم وتستطيع تركيا استثمار عضويتها بالناتو لحماية نفسها من أي عدوان خارجي، لأن القانون الداخلي للناتو يفرض على الأعضاء الانضمام إلى أي حرب قد تشن ضد أي عضو في الحلف والدفاع عنه، فقد كان الناتو أيام الحرب الباردة سبب في انهيار الاتحاد السوفيتي وهذا ما تخشاه روسيا.

الطاقة الإستراتيجية: وقعت الدولتان سلسلة اتفاقات إستراتيجية حول الطاقة قبل عام فقط، وبينها اتفاق رئيسي حول خطة لإنشاء خط لنقل الغاز الروسي إلى تركيا ومنها إلى السوق الأوروبي الضخم، وهو بديل لخط الغاز الذي كان من المفترض أن يمر عبر أوكرانيا ولكن تم إلغاء المشروع العام الماضي بسبب تصاعد الأزمة الأوكرانية. وتعتبر تركيا ثاني أكبر مستورد للغاز الروسي بعد ألمانيا وتتكسب روسيا مليارات الدولارات كل عام نتيجة شراء الغاز.

الموقع الاستراتيجي: مركز تركيا المحوري والاستراتيجي الذي يتوسط العالم يمنح تركيا قدرة للتأثير ولعب دور في كثير من الملفات الدولية والشرق الأوسطية.

الجيش التركي المليوني: يزيد تعداد الجيش التركي عن مليون عنصر، يمتلك احدث الأسلحة ويعتبر من أشرس جيوش المنطقة، كما أن تركيا تعتمد على ذاتها في تصنيع وتطوير أسلحتها كالصواريخ والطائرات والدبابات وغير ذلك، بل وتصدر العديد من الأسلحة إلى الخارج.

السياحة والتجارة: إن كانت روسيا تلوح بورقة منع سفر السياح الروس إلى تركيا فإن هذه الورقة ليست حكراً على روسيا، فتركيا أيضا تستطيع منع سياحها من التوجه لروسيا، كما أن هناك الكثير من الصادرات التركية التي تذهب لروسيا والتي بإمكان أنقرة إيقافها، حيث يبلغ التبادل التجاري بين البلدين 31 مليار دولار سنويا.

الملفين السوري والشيشاني: كما سبق وذكرنا أن تركيا بحكم موقعها الاستراتيجي وعلاقاتها الواسعة سواء مع المعارضة السورية أو مع الثوار الشيشان تستطيع أن تدعمهم بأسلحة نوعية وصواريخ مضادة للطيران تستطيع من خلالهما أن توجه ضربات قاسية ومؤلمة إلى روسيا في الساحتين السورية والشيشانية وتهديد القواعد العسكرية الروسية، فيما لو فكرت روسيا في دعم أي من المنظمات الإرهابية المعادية لتركيا.

القيادة منتخبة: القيادة التركية منتخبة وتوجهاتها إنسانية وتدعم المظلوم لا الجلاد، لذا تتمتع بدعم كبير في الشارع التركي على اختلاف توجهاته، أي أن مصدر شرعيتها الأساس هو ثقة الناس ودعمهم.

تحذير الطائرة: أن الطائرات التركية أسقطت الروسية بعد تحذيرها عشر مرات خلال خمس دقائق وهذا وقت طويل بالقياس إلى سرعة الطائرة، وقد قدمت تركيا في وقت سابق اعتراضها لروسيا على اختراق طائراتها لأجوائها، وقدمت الأخيرة اعتذاراً ووعداً بعدم تكرار الحادثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى