الشاباك؛ “بقرة الكيان الصهيوني المقدَّسة”
المجد – وكالات
بعد احتلال الكيان الصهيوني للضفة الغربية عام 1967، تنبأ الفيلسوف الصهيوني يشيعياهو ليبوفيتش بأن دولة الكيان سوف تنهار وتتآكل كدولة ديمقراطية يهودية وستتحول إلى دولة يحكمها الشاباك وبكلمات أخرى “دولة شاباك”، بعده بأعوام عاد الصحفي الصهيوني جدعون ليفي يؤكد مرة أخرى بأن دولة الاحتلال دولة شاباك حيث الأجهزة الأمنية يُمكنها أن تقرر كُل شيء في حياة المجتمع الصهيوني.
جدعون ليس وحيدًا فالحقائق على أرض الواقع تؤكد أن الشاباك هو أصغر الأجهزة الأمنية في دولة الكيان الصهيوني ولكنه الأكثر تأثيرًا على صناعة القرار العسكري والسياسية، لدرجة أن بعض النشطاء اليساريين يُطلقون اسم )شاباكستان) على دولة الكيان الصهيوني.
«شاباك»؟
يطلق عليه اسم "جهاز الأمن الداخلي" لأنه متخصص في الشؤون الأمنية الداخلية وهذا ما يميّزه عن الموساد المتخصص في الشؤون الخارجية، وبالنسبة لعامة الناس فإنهم يُفضلون استخدام كلمة المخابرات الصهيونية للتعبير عن جهاز الشاباك.
آلو .. مطلوب للتحقيق
مع أن دولة الكيان الصهيوني تؤكد منذ قيامها أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق وأنها تضمن لأفرادها حريّة التعبير عن الرأي والانتماء السياسي ما دام ذلك لا يتنافى مع القانون الصهيوني، إلا أن مركز الميزان لحقوق الإنسان يؤكد أن الشاباك يقوم باستدعاءات لآلاف الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني (ممن يحملون الجنسية الصهيونية) بسبب نشاطهم السياسي أو الديني، ويؤكد المركز أن هذه الاستدعاءات غير قانونية ولا تتوافق مع مضمون الصلاحيات المعطاة لأفراد الشاباك في القانون.
ولهذا قام المركز بإصدار كتابين للتوعية بكيفية التصرف في تحقيقات الشاباك، الأول وهو بعنوان (في ضيافة الشاباك) وهو من تأليف المحاميين حسان طباجة وعمر خماسي وقد جاء بعد الانتفاضة الثانية حيث استمر الشاباك ولمدة 3 سنوات باستدعاءات متتالية لفئات واسعة من الشباب وطلاب الجامعات في الداخل الفلسطيني لردعهم عن أي نشاط سياسي.
بعد نجاح الكتاب الأول وانتشاره، قرر المركز إصدار كُتيّب ثانٍ بعنوان (مطلوب للتحقيق)، حجمه لا يزيد عن 50 صفحة، وقد تم تأليفه بعد تراكم المزيد من الخبرات لدى المحامين في مركز ميزان فيما يخصص تحقيقات الشاباك، ويحتوي الكتاب على معلومات ونصائح قانونية قيّمة.
سأترك كلبي يُضاجعك!
في فيلم "الشاباك" يفضح المُخرج عصام بلّان ضمن برنامج فلسطين تحت المجهر شيئًا من انتهاكات الشاباك بحق مواطنين فلسطينيين، حيث يدور الفيلم حول ثلاث قصص هي قصّة الأسيرين جهاد مغربي وشيرين العيساوي وقصة اقتحام باص رقم 300.
الباص رقم 300، هي القضيّة التي عرّت جهاز الشاباك وفضحته، ففي عام 1984 قامت مجموعة فلسطينية باختطاف حافلة صهيونية وقد استطاع الشاباك اقتحامها واعتقال منفذي العملية ولكنه أعلن أنهم قُتلوا فيما كشفت صورة لصحفي صهيوني أنهم لم يقتلوا، وبعد التحقيق في القضية تبين أن الشاباك قام بقتلهم بدم بارد لاحقًا.
جهاد مغربي اتهم زورًا بقتل اثنين من الصهاينة تم تعذيبه من قبل الشاباك حتى أصيب بنزيف في الرأس، ولما أحضروا له طبيبًا لم يقدم له مساعدة ولم يُقدّم حتى بلاغًا بوضعه، مع العلم بأنه قاصر والقانون يمنع تعذيب أي قاصر ويفرض على الطبيب التبليغ فورًا، إلا أن الطبيب الصهيوني لم يفعل ذلك كون جهاد فلسطينيًّا.
شيرين عيساوي أكّدت أن محقق الشاباك لم يكتف بتهديدها بالاغتصاب بل أخبرها بأنه سيجلب كلبه لاغتصابها بقوله لها: "إنه حتى لو مش أنا، رح أجيب كلب يعمل فيكِ كذا كذا" كما أكّدت في الفيلم الذي عرض كذلك شيئًا من معاناتها مع الشاباك بمشاهد درامية تجعل المشاهد أكثر فهمًا لما يُعانيه الأسرى في التحقيقات.
هل الشاباك فوق القانون؟
جاء في موقع يديعوت آحرونوت الصهيوني أن منظمة أطباء لحقوق الإنسان يؤكدون أن الانتهاكات بحقوق الأسرى ممنوعة بحسب القانون الدولي، وفي دولة الكيان هناك تقييدات كثيرة فيما يخص تنكيل وتعذيب الأسرى بشكل عام.
بالرغم من ذلك فإنه وبحسب تقرير المنظمة من شهر شباط 2015، هناك حوالي 850 شكوى لدى مسؤول شكاوى المُحَقَقْ معهم من قِبَل الشاباك، ولكن حتى اليوم لم يُفتح أي ملف للتحقيق في الانتهاكات من أجل تقديم لوائح الاتهام، وبحسب المنظمة، فإنه لا يوجد في دولة الاحتلال أي مراقبة على الشكاوى التي تخص هكذا انتهاكات.
"الفحص الأولي للملفات لا ينتهي في وقت معقول وقد يمتد النظر فيها لسنوات. لذلك لا يُمكن معرفة إذا كانت هناك حاجة لفتح تحقيق جنائي، وفي الواقع فإن من بين مئات الانتهاكات لم يفتح أي تحقيق". هذا ما قالته المحامية لوستيجمان المسؤولة عن الملف والتي تؤكد: "أنا لا أتحدث حتى الآن عن معاقبة هؤلاء المحققين، كل المطلوب هو التحقيق الجنائي مع محققي الشاباك المتهمين. النتيجة هو أن هناك حصانة لهؤلاء المحققين دون أن تكون لديهم أي حصانة قانونية. هُم يعلمون أن الفحص الأولي للشكاوى لن ينتهي أبدًا".
هل هناك أمل..؟
يؤكد المُحامي نبيل دكّور في دراسة موجزة بعنوان "محققو الشاباك فوق القانون" أنه منذ عام 1967 لقي حوالي 170 أسيرًا فلسطينيًّا حتفهم تحت التعذيب في السجون الصهيونية. وأنه ورغم قيام دولة الكيان عام 1991 بالتوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وقيام محكمة العدل العليا عام1999 بكامل هيئتها القضائية وهم تسعة قضاة بالمطالبة بإصدار أوامر تحظر على محققي الشاباك استخدام أساليب ووسائل تعذيب أثناء التحقيق، إلا أنه وفي عام 2002 اقرّ الكنيست الصهيوني قانونًا يمنح محققي الشاباك الحصانة وعدم تحميلهم أي مسؤولية جنائية على أعمال قاموا بها أثناء قيامهم بواجبهم.
ويؤكد المحامي دكّور أن إمكانيات النجاح في القضايا التي تُطالب بالتحقيق مع محققي الشاباك ضئيلة جدًا، ولكنه يرى أن ما حصل مؤخرًا وهو تقديم التماس إلى محكمة العدل العليا في الكيان الصهيوني لإصدار أوامر لتحويل محققي الشاباك لتحقيق جنائي لأول مرّة منذ قيام الدولة، يُعتبر تحديًا للمحكمة للبت في هكذا قضايا.
الكاتب / بلال عاصي