انتظرت أُمة عودته ..فعاد بشظايا جسد جمع العرب
المجد – خاص
كانت أُم الطالب السوري "جول جمال" المبتعث في بعثة عسكرية بالكلية البحرية فى مصر، تقف بلهفة على شرفة منزلها تنتظر فلذة كبدها وفي يدها رسالة "إن شاء الله عن قريب انا عائد اليكم لنحتفل بعيد الميلاد ورأس السنة بعد تخرجي".
نال عام 1956 شهادة البكالوريوس، و في نفس العام فوجئ العالم كله بقرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس للملاحة كشركة مساهمة مصرية.
فكان العدوان الثلاثي على مصر من قبل (فرنسا_بريطانيا_دولة الكيان) في تلك الاوقات ابقت القيادة السورية البعثة العسكرية السورية في”مصر” بعد تخرجها من أجل تدريب ضباطها على زوارق طوربيد حديثة استوردتها مصر.
وخلال فترة الحرب كانت المدمرة الفرنسية “جان بار” أو "تنين البحر الأبيض المتوسط" تقترب من الشواطئ المصرية وكان هدفها الأساسي هو تدمير ما تبقى من مدينة "بور سعيد" المصرية التي كانت قد تعرضت لقصف سلاح البحرية والطيران الملكي.
في تلك الاوقات وصل الى مسامع الملازم ثاني “جول جمال” خبر تحرك المدمرة الفرنسية “جان بار" الى السواحل المصرية، ليتوجه إلى مكتب قائده "جلال الدسوقي" طالباً منه السماح له بالمشاركة بالعمليات الحربية وهو يقول له (أنا لا أرى بلدين بل أرى بلد واحدة) ليكون له ما اراد…
يتوجه جول جمال لمواجهة المدمرة الفرنسية، وقد استطاع أن يصل إلى نقطة الصفر أي النقطة الميتة التي لا تستطيع مدافع المدمرة الوصول إليه، ليسطر اروع التضحيات في عملية استشهادية هزت اركان العدوان الثلاثي في ذلك الوقت، بعد أن غرقت المدمرة في عرض البحر وغرق معها 88ضابط فرنسي و2055جندي بحرية فرنسي.
سقط جول جمال البطل السوري شهيداً على الشواطئ المصرية مسطراً بذلك أروع صور البطولة والتضحية ممهداً بشظايا جسده الطاهر بداية العمليات الفدائية ضد كل من تطأ أقدامه تراب العروبة والمسلمين.
رحل "جول جمال" وبقيت ذكراه منارةً لكل مناضل وثوري غيور على وطنه مؤكداً باستشهاده وحدة المصير العربي، وإذا كانت المرحومة والدته قد قضت بقيت حياتها وهي تنتظر عودته لينشد لها وللكثير من امثالها شاعرنا حسن عبدالله (أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها وعاد مستشهدا فبكت دمعتين ووردة ولم تنزوي في ثياب الحداد).