أضلاع «الثلاثي الصهيوني المقدس»
اولمرت يلوح فور عودته من لقائه الأخير مع الرئيس الأميركي بوش بالاجتياح والقتل والتدمير، وباراك يهدد على مدار الساعة بعملية عسكرية كبيرة في غزة، وأقطاب حكومة اولمرت يتسابقون في تصريحاتهم الدموية ضد أهل غزة، وهيئة الأركان الحربية الإسرائيلية توصي على مدار الساعة بالسور الواقي الثانية، والإعلام يلعب دوره أيضا في إذكاء التصعيد الحربي الدموي…!
فما الذي يجري إذن وما السيناريوهات المتوقعة…؟!
ولماذا هذه اللوثة الدموية الصهيونية تتسيد المؤسسة الإسرائيلية…؟!
ربما يكون المؤرخ الإسرائيلي «امنون راز» أدق من تحدث عن هذه الطبيعة الإجرامية الإرهابية الدموية ل«إسرائيل» كما هي عليه اليوم، حين وصفها مؤخرا قائلا:«أن إسرائيل مملكة صليبية جديدة مختلفة عن الممالك الصليبية التاريخية بحيازتها قنبلة نووية»، ودعا إلى تفكيكها بأساليب ذكية. وعلى ذلك يمكننا أن نحلل ونفهم إسقاطات هذه الطبيعة عبر كم لا حصر له من أدبيات القتل والتدمير والإبادة الجماعية التي يطلقونها تباعا في الآونة الأخيرة ضد غزة هاشم…!.
وفي صميم هذه المضامين يقول المحلل الإسرائيلي كوبي نيف عن لوثة الإجرام لدى الجنرال ايتام مثلا:«النائب، العميد احتياط، صاحب وسام البطولة، ايفي ايتام الذي تاب ويسكن اليوم في هضبة الجولان فوق الكيبوتس، يجسد في شخصيته على نحو كامل الشخصية العامة لليهودي الجديد، الذي سعى آباء الصهيونية إلى خلقه في أرض إسرائيل بعد ألفي عام من المنفى، والذي يضم في داخله كامل أضلاع «الثلاثي الصهيوني المقدس»- الرب، الجيش والأرض».
مضيفا:«دعا ايتام منذ زمن بعيد دولة إسرائيل إلى التحرر من القيود الأخلاقية التي تحظر علينا الانتصار في حروبنا ضد العرب، وقتل عشرات آلاف المواطنين عن عمد، لبنانيين، سوريين وفلسطينيين، كما ينبغي، من أجل إخضاعهم وفرض الاستسلام عليهم.
وها قد مرت بضع سنوات فإذا بأحد الرواد الايديولوجيين لـ «معسكر السلام»، يرون لندن، توصل هو الآخر إلى استنتاج ايتام هذا – في أنه من اجل تلقين الفلسطينيين العاقين في غزة درسا، ينبغي إبداء الوحشية الأخلاقية، كما يلزم في مثل هذه الأوقات تدمير غزة «حيا إثر حي» على حد تعبيره، مما سيؤدي إلى إخضاعهم وفرض الاستسلام عليهم».
ويستخلص نيف: «وهكذا ينبغي الانتباه لما يقوله اليوم آفي أيتام، كي نعرف ما الذي سيفكر به غدا «معسكر السلام»، الآن يقترح أيتام في المقابلات والخطابات، الطرد من البلاد ليس فقط ضد النواب العرب، وليس فقط العرب الإسرائيليين الذين يتظاهرون تضامنا مع إخوانهم في غزة، بل وأيضاً، عند الحاجة، طرد مليون فلسطيني مما يسمى في لغته العسكرية – الاستيطانية «يهودا والسامرة» أي من المناطق التي احتلتها إسرائيل في حرب 67».
وهكذا- وعلى خطى ايتام دعا حاخام يهودي متطرف الجيش الإسرائيلي لتسوية بلدة بيت حانون الواقعة شمال قطاع غزة بالأرض ومحوها عن الوجود، كما أعلن حاخام إسرائيلي «أن ألف عربي لا يساوون طالبا يهوديا واحدا»، فقالت صحيفة «هآرتس» في سياق استعراضها تفاصيل حول تصريحات عنصرية ادلى بها مردخاي الياهو حاخام إسرائيل الأكبر سابقا وقال فيها «انه يتوجب على الحكومة الإسرائيلية إقامة مستوطنة مقابل كل يهودي يقتل»، ان الحاخام أكد في حديثه قائلا: «حتى عندما نطالب بالانتقام فان ألف عربي لا يساوون طالب مدرسة دينية واحد».
وبينما جدد مائير شطريت، وزير الداخلية الإسرائيلي، دعوته القديمة ل «محو حي سكني كامل في غزة بعد إنذار سكانه بالإخلاء رداً على تواصل إطلاق الصواريخ والقذائف انطلاقا منه تجاه الأهداف الإسرائيلية»، دعا وزير البنية التحتية بنيامين بن أليعيزر إلى «شن حرب بلا هوادة ضد قطاع غزة»، مشرعا قتل الأطفال الفلسطينيين زاعما أن «الحرب ليست نزيهة لذلك علينا استخدام كل القوة فيها».
تحملنا تصريحات وأدبيات هؤلاء الصهاينة الإبادية إلى التوقف أمام حقيقة المؤسسة الأمنية العسكرية الإسرائيلية، التي درجت ومعها حتى الأكاديمية الإسرائيلية على مدى العقود الماضية على بناء ذلك المجتمع الصهيوني بجيشه واستخباراته وبنيته المدنية على اختلاف تسمياتها بناء عسكريا اسبارطيا مدججا بثقافة العنصرية والأساطير المزيفة.
وغير ذلك من المصطلحات التي أتاحت لهم تطوير وتكريس مفاهيم ونظريات القوة العسكرية والابادية وبررت لهم دائما اقتراف المذابح والجرائم الجماعية ضد العرب في فلسطين ومحيطها. ما يبين لنا اننا أمام مجتمع إرهابي متعطش للدماء العربية وملوث بالعنصرية والنزعة الدموية الإجرامية، وهي الحقيقة الدامغة التي أكدها لنا «د.يحيعام شورك» الكاتب والمؤرخ والمحاضر الإسرائيلي في «بيت بيرل «في دراسة حملت عنوان «جذور البلطجة والقوة في المجتمع الإسرائيلي.