الاحتلال أمام خيار واحد لاستعادة أسراه من غزة
المجد- خاص
لا شك أن دولة الكيان فقدت الكثير من كبريائها عندما أعلنت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أسرها أحد الجنود المتوغلين في حي الشجاعية إبان العدوان الأخير منتصف عام 2014، وبعدها بيومين فقدت ضابطا آخر شرق رفح، وأعلنت كذلك عن أثيوبي ضل الطريق إلى غزة، ثم توالت التكهنات بوجود عدد لا بأس به من الأسرى لدى المقاومة.
وفي الذكرى الأولى للعدوان قبل أشهر شهدت دولة الكيان حراكا من أهالي الأسرى الصهاينة، للضغط على حكومتهم لبذل جهودها لإعادة أبنائهم عبر صفقة تجريها مع حركة حماس، ثم ساد الصمت "ظاهريا" في الموضوع، في المقابل تتكتم المقاومة عن الإدلاء بأي تصريح يوحي بتفاصيل عن الأسرى لديها إلا من بعض الإشارات والرسائل المقصودة.
وأثبتت الأحداث على مدار الصراع أن دولة الكيان تدفع أثمانا باهظة لأجل استعادة أشلاء لجنودها!! وحتى تسترجع هيبتها المفقودة لديها ثلاثة خيارات مطروحة، وفق متابعين.
أول هذه الخيارات هو شن حرب شاملة ضد غزة تكون أحد أهدافها عودة الأسرى الجنود على غرار ما حدث أواخر عام 2008 بعد عامين من أسر جلعاد شاليط شرق رفح، وسبقها حرب لبنان صيف 2006 لاستعادة أسراها من يد حزب الله الذين تبين بعد ذلك أنهم فارقوا الحياة.
لكن شن حرب على قطاع غزة في الوقت الراهن يستبعده الكثير من المراقبين، رغم أن وسائل الإعلام الصهيونية تركّز على تعاظم قوة حماس وعلى تجاربها الصاروخية على الأرض وتشي بوجود تفكير لدى الصهاينة في عدوان جديد على القطاع.
لكن ما يقلص فرص الحرب-كما يقول صالح النعامي المتابع للشأن الصهيوني-أن دوائر صنع القرار السياسي ومحافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب تعي تماما، أن حركة حماس غير معنية بأي مواجهة مع تل أبيب، وأن في مقدمة أولويات الحركة حاليا الحرص على ضمان توفير الظروف التي تقلص من تأثير الحصار الجائر المفروض على القطاع، والاحتلال موقن تماما أن الحرب لن تكون نزهة، وبالتالي يبقى هذا الخيار مستبعدا حاليا.
والخيار الثاني المطروح هو هجوم خاطف ومركّز يعتمد على معلومات استخبارية تنفذه القوات الصهيونية الخاصة على مكان احتجاز الجنود الأسرى ويكون انتصارا استراتيجيا لدولة الكيان، مثلما تعاملت مع قضية نخشون فاكسمان عام 1994 وانتهت بمقتله واستشهاد المجموعة الآسرة، إلا أن هذا الخيار قد عفى عليه الزمن فهو لا يضمن عودتهم أحياء، ثم إن الاحتلال لم يعد لديه بنك معلومات في غزة كما السابق بسبب زيادة الوعي لدى المواطنين واضمحلال ظاهرة العمالة، وأيضا لن تكون الأرض مفروشة بالورود لكي يدخل ويحرر أسرى ويخرج غانما.
لم يبقَ أمام السياسيين والعسكريين الصهاينة إلا الخيار الأوفر حظًا وهو صفقة تبادل، فقد كُثر الحديث في الآونة الأخير عن قرب التوصل إلى اتفاق يقضي بموجبه تبادلا للأسرى بين المقاومة والاحتلال برعايات دولية متعددة كما جرى في صفقة وفاء الأحرار عام 2011 التي أفرجت عن 1000 أسير فلسطيني مقابل شاليط، إلا أن أحدا لم يؤكد الأمر والتزم الطرفان الصمت.
وكانت مصادر عبرية قد ذكرت أنّ مسؤولين أمنيين مقربين من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أجروا اتصالات مع وسطاء ألمان وأوروبيين آخرين، قبل عدة أشهر -عشية خروج عائلة الجندي الأسير شاؤول في تظاهرة للمطالبة باستعادته- للتوسط في عملية تبادل، رغم عدم اعتراف دولة الكيان رسميا بأسراها في غزة وإعلان أنهم فارقوا الحياة.
وما يزيد من احتمال الخيار الأخير- وفق المتابعين- أن نتنياهو قد بدأ فترته الانتخابية بصفقة شاليط وربما قد ينهي الفترة بصفقة أخرى، خاصة وأن الضغوط ستزداد عليه في الفترات المقبلة من المعارضة تارة، ومن عائلات الجنود المأسورين تارة أخرى حتى وإن لم يظهر في العلن.
وفي الوقت الحالي يبدو أن القيادات الصهيونية لا تود فتح الموضوع أو إثارته إعلاميا عبر التصريحات لعدم إثارة الرأي العام ضدها.