انتبه حين تمنح خصوصيتك للآخرين!
المجد- خاص
إن انتشار الشبكات الاجتماعية واستحواذها على جُلّ الوقت الذي يقضيه المستخدم على الانترنت أوجد حالة من التساهل في الخصوصية الفردية، ومع الوقت تجاوز ذلك المعنى التقليدي للخصوصية؛ والذي كان يُعنى بالحياة الخاصة للمستخدم وضمان تحكمه في المعلومات التي يرغب بإطلاع الآخرين عليها؛ ليجعل من حياته الخاصة ويومياته -بل لحظاته- مادة النشر والمشاركة العامة مع الآخرين، حتى أوجدت رغبة لدى بعض المستخدمين للبوح بمشاعرهم في المجتمع الافتراضي أكثر مما يفعلوا في المجتمع الحقيقي!.
مع انطلاق فيسبوك عام 2004 وتويتر عام2006 ومع انتشار استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وتوسع خدماتها وتعددها، أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الكثيرين، بل إنها أصبحت وسيلة التواصل المباشر بين الأفراد من خلال الدردشة الفورية وتبادل الملفات، وقد حلت محل البريد الإلكتروني في كثير من المعاملات اليومية. ولا يدرك كثير من المستخدمين أن اتفاقيات الخصوصية وشروط الاستخدام يتم تعديلها بشكل مستمر، وهي تشتمل على موافقة المستخدم بأن يقوم مزودو الخدمة أو الشبكة الاجتماعية؛ باستخدام بياناته الشخصية والمسجلة لديها لأغراض تجارية، أو بما يخدم أهدافها الخاصة دون الحاجة لإعادة طلب الإذن من المستخدم نفسه! فهو قد وافق على ذلك ابتداء بمجرد اشتراكه في الخدمة أو انشائه للحساب الإلكتروني لديها، -لا تستغرب- فهذا موجود في الكثير من الشبكات مثل فيسبوك وتويتر وجوجل بلس وغيرها الكثير.
بل إن شركة جوجل في “سياسة الخصوصية” والتي يجب أن تتم الموافقة عليها لاستخدام أي من خدماتها -بما فيها يوتيوب- تنص بشكل صريح على أن تعمل الأنظمة التلقائية لديها "على تحليل المحتوى التابع لك (بما في ذلك الرسائل الإلكترونية) بغرض توفير ميزات منتجات ذات صلة بطابعك الشخصي، مثل نتائج بحث مخصصة، وإعلانات مناسبة، وحماية من الرسائل غير المرغوب فيها والبرامج الضارة” وتنص أيضاً على أنه يجوز لجوجل "جمع ومعالجة معلومات عن موقعك الفعلي، ونستخدم تقنيات عدة لتحديد الموقع، بما في ذلك عنوان IP وتقنية نظام تحديد المواقع GPS ومستشعرات أخرى قد توفر لـجوجل مثلاً معلومات حول الأجهزة المجاورة ونقاط دخول Wi-Fi وأبراج الهاتف الجوّال القريبة” إضافة إلى الكثير مما تجبرنا تلك الشركات على الموافقة عليه من أجل أن نتمتع بخدماتها!.
بحسب إحصاءات عام 2014 فإن موقع فيسبوك لا يزال يتصدر الشبكات الاجتماعية من حيث عدد المستخدمين النشطين والحسابات الفعالة، حيث تفيد مدونة Digital Marketing بأن فيسبوك لديه1,35 مليون مستخدم نشط شهرياً، تتلوه شكبة الصور "انستغرام" و"جوجل بلس" بـ(300 مليون) لكل منهما، في حين جاء "تويتر" في المرتبة الرابعة بـ (284 مليون) في حين كانت شبكة الأعمال "لينكد إن” في المرتبة الخامسة بـ (90 مليون) مستخدم فقط.
صحيح أن أهدافها المعلنة تجارية -وليست أمنية بالضرورة- إلا أن ذلك يشكل نمطاً من الخصوصية يجعلها اسماً بلا مضمون. يقول "محمد التكريتي" الخبير في شؤون تكنولوجيا المعلومات: “على الجميع أن يفترضوا أنه ليس هناك أية خصوصية على أي نوع من أنواع الشبكات الاجتماعية ومواقع الإنترنت”! ويؤكد ذلك “ماكسيمليان فورت” أستاذ علم الاجتماع في جامعة كونكورديا في كندا. وعندما سأل أحد طلبة المدارس الأمريكية الرئيس باراك أوباما: "عندما أكبر أريد أن أجلس مكانك، هل هناك من نصيحة تقدمها لي؟" فأجاب قائلاً: "أريد منكم أن تكونوا حذرين فيما تنشرونه على فيسبوك، ففي عصر اليوتيوب فإن ما تفعله أو تنشره اليوم سيعرف في مرحلة لاحقة من حياتك، وعندما تكون يافعاً ترتكب أفعالا طائشة! … هذه نصيحة سياسية أقدمها لك”!
ناجي الظاظا
[1] أستاذ مساعد في تكنولوجيا المعلومات