عميل يحدث عميل آخر عن حاله
المجد – خاص
كتب أحد العملاء ما حدثه به عميل آخر عن ما كان عليه وما آلت إليه أحواله، وكيف كان يعيش فوق السحاب لينزلق منه إلى قعر بئر مليء بالقاذورات، وهي كالآتي:
قال لي أحد النزلاء في السجن، ليخفف عني مأساتي: "كان عندي يا صاحبي كل ما تتمناه أنت، زوجة صالحة أحبها بجنون، وبيت فيه كل وسائل الراحة، وأب مناضل وإخوان قادة، وعائلة محترمة وعلاقة جميلة بالناس، وعمل مريح وشريف، واحترام ألمحه في عيون الجميع، وطفل جميل يخطو خطواته الأولى، وكنت شاباً رياضياً، وأم تدللني وأحبتني وافتخرت بي وبتعليمي، وكل هذا الذي ذكرت لك ذهب مع الريح".
وتابع صديقي "زوجتي طُلقت مني؛ لأن أهلها لا يمكنهم أن يتركوا ابنتهم على ذمة جاسوس، والبيت تداعى عليه أهلي وأهل زوجتي كما تتداعى الأكلة على قصعتها، وأبي وإخواني تبرؤوا مني وطالبو بقتلي، بل وحاولوا ذلك، والناس أصبح حديثها عني باحتقار وتقزز، بل وينسجون عني قصصاً مقززة".
وأضاف "خسرت عملي ووظيفتي، أما ابني فلم أره إلا بعد فترة ولم يعرفني، وأعلم جيداً أني دمرت حياته وأنه سيعير بي للأبد، ولم أحمل معي في سنوات السجن إلا الهم، فأصبحت مريضاً بالسكري، وأمي ماتت متحسرة عليّ ولم أستطع توديعها".
وهنا ترك لنا هذا العميل حديث صديقه بالنص لنرى كم كان صعباً تحقيق أحلامه لكنه وبكل سهولة ضيع كل ما كان عنده ونسف أي فرصة لاسترداده فلا مكان لمن انسلخ عن مكانه.. وعلى حد وصفه.. ذهب كل شيء مع الريح .. فلا تكن مثله.