سؤال كبير.. أيهما في خدمة الآخر: أنت أم التكنولوجيا؟
المجد- خاص
كثيرة هي الخدمات والتسهيلات التي تقدمها لنا التكنولوجيا الحديثة، فلا يكاد يمر يوم دون الإعلان عن تقنية حديثة أو خدمة جديدة، سواء كان ذلك تطويراً لما هو موجود أو ابداعاً جديداً لم تشهده الأجيال السابقة. ولعل شبكات التواصل الاجتماعية هي أوسع تلك الخدمات انتشاراً بين المستخدمين، فهي متوفرة على كافة أجهزة الاتصال المكتبية والهواتف الذكية سواء بسواء! حتى أنك تصادف من الناس من لا يعرف عن الانترنت إلاّ الفيسبوك! فهو يرى العالم من نافذة منشورات الآخرين، فيقضي ساعات يومه ولحظات ليله كلها في حوارات فيسبوكية مع شبكة الأصدقاء عبر العالم.
لا شك أن كل تلك الخدمات وغيرها قد وجدت لتسهيل حياة الإنسان وإدراة يومياته، فهل الخوف من استغلال تلك التسهيلات والمميزات لخدمة أغراض خبيثة أو عدائية ضدنا، يعد مبرراً لتركها وتجاهل فوائدها الكبيرة؟ لا شك أنه سؤال كبير لكنه لا يحتاج إلاّ إلى إجابة صغيرة!
أقول دائماً بأن عليك أن تستخدم التقنية كما تريد أن تستخدمها أنت، لا كما تريدك هي أن تستخدمها! وهنا يقع الأمر عند المستخدم ذاته. فمثلا يطرح عليك الفيسبوك سؤاله المشهور "بماذا تفكر؟” فهل هذا يعني أنه عليك أن تعلن لكل الناس كل ما تفكر فيه؟ هل عليك أن تشارك الجميع كل أحوالك النفسية والاجتماعية؟ هل عليك أن تخبر كل الناس أنك تتألم لسبب ما؟
لا، لست مضطراً للتعبير عن كل ما تفكر فيه، ولا أن تعلن عن نقاط ضعفك النفسية أو الجسدية، فثمة من يهمه أن يعرف ذلك عنك، وهنا لا نتجاهل أجهزة أمن العدو الصهيوني التي تجوب الفضاء الإلكتروني، بحثاً عن كل معلومة أو كل تنفيسة، لتشكل الصورة النمطية التي أنت عليها.
وإذا كان اختبار نمط الشخصية MBTI لـ "مايرز بريغز” قد صنف الناس إلى 16 نمطاً، بناء على مجموعة من الأسئلة التي بإجابتها يمكن تحديد نمط الشخص، فإن ثمة معاييراً أمنية توظفها أجهزة الاستخبارات لتحديد اهتمامات الأفراد. حيث تستطيع من خلال رصد نشاطاتهم اليومية من التعرف على مستوى تأثيرهم، ومدى تهديدهم لكيان العدو، سواء فكرياً أو ثقافياً أو حتى أمنياً وعسكرياً.
لا أقول هذا من باب التخويف أو التهويل، فمن يدعم المقاومة الفلسطينية من أجل تحرير فلسطين واسترجاع الكرامة العربية وتطهير المقدسات، هو في الحقيقة يستثمر كل وسيلة وأداة للتعبير عن مساندة المقاومة، ويعلن عن فرحه بنصرها، ويعنيه أن يحفظ سرها بل ويحمي ظهرها، من خلال "الرقابة الذاتية". تلك الرقابة التي نراها من خلال وعي النشطاء بعدم نشر المعلومات التي يرون أن مصدرها هو إعلام العدو أو أدواته التي تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية لشعبنا وأمتنا. وصور ذلك كثيرة خلال العدوان الأخير على غزة 2015 “العصف المأكول”.
لن تقف حدود التكنولوجيا عند توفير الخدمة مقابل الحصول على المال! فثمة مصطادون على ضفاف نهرك الإلكتروني، ينتظرون سقط المتاع وفلتات اللسان وهفوات الكلام. وليس كل من يجلسون على الشاطئ مصطافون!