قلعة الشقيف.. هل بقي منها أحد؟
المجد –
قلعة الشقيف أقامها الصليبيون على بعد 15كم جنوب شرق النبطية، وقد حررها صلاح الدين الأيوبي عام 1194م. في شهر آب 1980، كلفت قيادة الجيش الصهيوني لواء جولاني بتنفيذ هجوم على منطقة قلعة الشقيف، هادفة من ذلك إلى اختبار قوة المقاومة ونقل المعركة على مراكز المقاومة الفلسطينية، وإجبارها على البقاء في حالة دفاع، وتدمير أسلحتها بعيدة المدى، كما تضمنت الأهداف القضاء على أكبر عدد ممكن من أفراد المقاومة لإجبار القيادة الفلسطينية على التراجع والتخلي عن مطالبها.
بدأ الهجوم بـ 1200 جندي تقريباً، مكونة من قوات من لواء غولاني، ووحدات من الهندسة والدروع، وكتيبة المظليين التي شنت الموجة الأولى للهجوم وتعرضت لنيران كثيفة تسببت بإصابة قائد الكتيبة وقائد الاستطلاع وتكبيد الكتيبة خسائر كبيرة تسببت بوقف الهجوم في انتظار الدفع بقوات من لواء غولاني إلى أرض المعركة.
انقسمت قوة غولاني إلى قسمين: الأول التف حول القلعة لتطهير المواقع القريبة منها في أرنون وكفر تبنيت، واشتبك مع مواقع للقوات المشتركة، ووقع جزء منه في حقل للألغام؛ القسم الثاني اندفع صعوداً عبر طريق أرنون إلى القلعة، حيث واجهت القوة الصهيونية مقاومة عنيفة وقصفاً منسقاً أدا إلى تدمير عدد من العربات بينها عربة قائد الهجوم الجديد الرائد "جوني هرنيك" ومقتل سائقه وأحد مساعديه.
أمر هرنيك جنوده بالترجل وترك العربات المدرعة والتوجه سيراً على الأقدام، لكن ما إن تقدموا قليلاً حتى فُتحت عليهم أبواب جهنم، فقُتل هرنيك وعدد كبير من جنوده، وفي رواية للطبيب المرافق للقوة بأنة لم يبقى احد.
معركة قلعة الشقيف من المعارك القليلة في التاريخ القديم التي استطاعت فيها قوة تعادل سرية من فدائيي الكتيبة الطلابية قوات الجرمق أن ترد هجوماً يشنه لواء من جيش نظامي جيد التسلح والتدريب، ومدعوم بالمظليين والمدفعية والقوات الجوية، والتي لم تسقط بأيدي قوات الاحتلال الا بعد استشهاد كامل لكل المقاتلين فيها.
وقال (ليرون نحماد) وهومن الجنود الذين خدموا في قلعة الشقيف….. هذا مكان ملعون بالمطلق… لأن الفدائيين يجيدون الاصابة… وهو ملعون لأنك قد تفقد رفاقك في كل لحظة…. وهو مكان ملعون بسببنا لاننا اتينا الى هذا المكان!!! وقائد المنطقة قال لنا امامكم هدفان احدهما قتل المقاتلين الفلسطينيين والاخر البقاء على قيد الحياة لكن عندما تسمع صوت انطلاق قذيفة الهاون عليك انتظار سبع عشرة ثانية حتى تسقط وتشعر بالخوف الكبير وتدرك انك قد تموت’. فيما قال جندي آخر’ تتساقط عليك قذائف الهاون وتبدأ برؤية خطوط النار تتطاير من فوقك وتعلم ان كل اصابة قد تطيح بجزء من جسدك وترى اشخاص يتفجرون ويصرخون في المقابل لا نطلق طلقة واحدة.
أما الامر الذي زاد من رعب جنود العدو وحيرتهم، هو انهم كانوا يواجهون عدوا غير مرئي، ويمتلك زمام المبادرة وتحولت مهمتهم الى مهمة حماية انفسهم فيما يروي بعض الجنود لحظات الجحيم اثناء تعرضهم للقصف "هذه الحرب كالمصيدة وقد وقعنا فيها كفئران صغيرة!!!!!".
فقد الفلسطينيون 30 مقاتلاً لكن الكيان الصهيوني فقد خمسة أضعاف هذا العدد. معركة الشقيف أذهلت بيغن وشارون ورئيس الأركان ليصرح احد قادة المعركة بأنهم فقدو خيرة ضباطهم وجنودهم.
معركة قلعة الشقيف لبنان 1982 وبحسب رواية ضابط الوحدة. الصهيونية (لم يبقَ من قواتي (90 جندياً، 7 ضباط) سوى سبعة جنود فقط كما دُمِّرت الدبابات والآليات المدرعة كان عدد الفلسطينيين 33 فرداً ولم نأسر أي فرد منهم لأنهم قاتلوا حتى الموت ولم يستسلم أحد).
وهل يفيد الندم؟!!
يذكر الكاتب زئيف شيف وإيهود يعاري في كتابهما "الحرب المضللة"، أن أمراً صدر بإلغاء الهجوم على القلعة من قائد الجبهة الشمالية الجنرال أمير دروري، لكن لسبب ما، لم يصل الأمر إلى الوحدات الميدانية، ويقول إن تحقيقاً فُتح في ذلك بعد الحرب ولم يسفر عن أي نتائج، تم تبادل الاتهامات بين ضباط الأركان والقيادة الميدانية ويصف قائد القوة المسؤولة عن الهجوم، الجنرال "أفيغدور كهلاني"، ضباط الأركان بأنهم "أولئك الذين يجلسون في الغرف المكيفة تحت النيونات المضاءة ولا يعرفون ما يكابده القادة الميدانيون.
مَن أصدر الأمر؟…
سؤال يبقى بلا إجابة ضمن إجماع على أن احتلال القلعة كان سيغدو ضرورياً لو كان هدف العملية احتلال هضبة النبطية لإبعاد النيران الفلسطينية، وفي حالة كان محور الهجوم الرئيسي عبر جسر الخردلي. أمّا الأصول العسكرية فتحتم تجاوز هذا الهدف ما دامت الخطة تقضي بالوصول إلى صيدا وبيروت، ذلك بأن القلعة ستتحول إلى جيب صغير وغير مهم خلف القوات الصهيونية المتقدمة. وفعلاً، قبل احتلال القلعة، كانت القوات الصهيونية قد أتمت حصار صيدا وقطعت طريق صيدا بيروت.
فكانت معركة قلعة الشقيف تجسد أسمى آيات البطولة أمام جيش منظم يمتلك الكثير من العتاد والعدة، صمدوا كما صمد الشعب الفلسطيني على مواقفة وعلى أرضه، وقدموا أرواحهم من أجل الوطن والحرية، ليبقي الشاهد الوحيد على بطولتهم هو الكيان الصهيوني بعد ان سقط الجميع ولم يبق منهم احد.