المخابرات والعالم

سقط ناجي ولم يسقط حنظلة وبقى يحلم بالعودة

المجد – خاص

ولدت بين طبريا والناصرة في قرية الشجرة بالجليل الاعلى اخرجوني من هناك وعمري 10 سنوات عام 1948  الى مخيم عين الحلوة بلبنان، اذكر هذه السنوات اكثر مما اذكر بقية عمري، اعرف العشب والحجر والظل والنور هناك، لاتزال صورها ثابته في محجر العين كأنها نحت نحتاً، ارسم لا اكتر احجبه لا احرق البخور لكنني فقط ارسم..!!

اذا قيل ان ريشتي تشبه مشرط الجراح المبدع، اكون قد حققت ما حلمت طويلاً بتحقيقه، كما انني لست مهرجً ولست بشاعر القبيلة لست محايداً.. انا منحاز للمضطهدين والعابرين لمن ينامون بين قبور الموتى ولمن يمزقون بأيديهم سلاسلهم، ولمن يقرأون كتاب الوطن بالمخيمات، … انا ناجي العلي رسام الكاريكاتير الفلسطيني.

بعد أن أنهاء دراسته هاجر إلى الكويت والتحق بعدد من الصحف الكويتية كرسام كاريكاتير، قبل أن يعود إلى صحيفة السفير اللبنانية، لكنه التحق مجددا في العام 1982 بجريدة القبس الكويتية. وأجبرت ضغوط سياسية ناجي العلي على الرحيل إلى لندن في العام 1985 حيث تمت عملية اغتياله هناك.

تميزت أعمال ناجي العلي الفنية بالنقد اللاذع والموجه، وهو أشهر فنان فلسطيني سخر فنه للتغيرات السياسية ولخدمة فلسطين وشعبها ولفضح الاحتلال.

ابتدع الرسام ناجي العلي شخصية حنظلة البالغ من العمر 10 سنوات، حيث ظهرت أول لوحة تضم هذه الشخصية عام 1969 في جريدة السياسة الكويتية. يقول عن حنظلة "ولد حنظلة في العاشرة في عمره، وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة الى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء"، وأما سبب تكتيف يديه فيقول العلي "كتفته بعد حرب اكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطبيع شاملة وكدلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة فهو ثائر وليس مطبع".

أصبح حنظلة فيما بعد بمثابة توقيع ناجي العلي على لوحاته، وحظيت بحب الجماهير العربية لكونها تعبير عن صمود الشعب الفلسطيني بوجه المصاعب التي تواجهه.

اغتيال ناجي

جرت محاولة اغتيال ناجي العلي في 22 تموز/يوليو عام 1987 في احد شوارع لندن، حيث اصيب تحت عينه اليمنى، وبقي في المستشفى إلى أن وافاه الأجل في يوم 29 أغسطس/آب 1987 متأثرا بجراحه، وجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى الموساد الصهيوني، وإلى بعض الأنظمة العربية.

في سنة 1986 عندما كان "نوام عدموني" رئيسًا للموساد، اكتشف الألمان ثمانية جوازات سفر بريطانية مزورة بإتقان، وتبين أن هذه الجوازات أُعدت لفريق الموساد في لندن، ومنهم شخص فلسطيني، يدعى إسماعيل صوان. لكن، ما هي المهمة التي كانت تنتظر هذا الفريق؟'.

يوضح أبو فخر أنه 'كان للموساد آنذاك هدفان: الأول قطع الطريق على العلاقات الفلسطينية البريطانية التي راحت تنمو بعهد تاتشر، تمامًا مثلما جُنَّ يتسحاق حوفي (1973) حين علم بتفصيلات التفاهم الأميركي الفلسطيني الذي وقعه أبو حسن سلامة وروبرت آيمز، غداة الهجوم على السفارة الأميركية في الخرطوم، والثاني اغتيال مندوب '17' في السفارة الفلسطينية في لندن، عبد الرحيم مصطفى، للاشتباه بتجنيد متطوعين.

وكان للموساد عميلان هما: إسماعيل صوان  الذي أُرسل إلى لندن، لمراقبة عبد الرحيم مصطفى والاندساس بين الفلسطينيين، وبشار سمارة (من الجولان) الذي تولى مهمة الوصل بين صوان و'ضابط السفارة الصهيونية. في لندن، وقبيل اغتيال ناجي العلي، أخفى الموساد حقيبة أسلحة لدى صوان، وما إن شاهَدَ صوان خبر اغتيال ناجي العلي على التلفزيون، حتى دب الرعب فيه، وقرر مغادرة لندن مع زوجته إلى "تل أبيب"،إلا أن المخابرات البريطانية اعتقلته ووجهت إليه تهمة اغتيال ناجي العلي. وحُكم عليه بالسجن 12 سنة، أمضى منها ثماني سنوات، وفور خروجه، سافر إلى دولة الكيان التي تدبرت له لجوءً إلى السويد، خوفًا عليه من الاغتيال، بعدما اغتالت المقاومة شقيقه إبراهيم 1988 بتهمة العمالة.

سقط ناجي ولم يسقط حنظلة ابن العشرة وبقى يحلم بالعودة كي يكبر ..!! ولم يكبر في ظل الواقع المرير والخيانات والنزاعات العربية التي تعصف بالمنطقة وتقتل احلام حنظلة بأن يكبر ..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى