تقارير أمنية

ماذا تعرف عن عصابات “تدفيع الثمن” وكيف يتعامل العدو معها ؟

المجد – وكالات

تصدر المؤسسة الصهيونية بشقيها الأمني والقضائي قرارًا بـ"حظر نشر تفاصيل التحقيقات"، في كل مرة ترتكب فيها عصابات "تدفيع الثمن" اليمينية المتطرفة جريمة ضد فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48 وممتلكاتهم ومقدساتهم.

وليس أخر هذه الجرائم جريمة حرق سيارتين لفلسطينيين في بلدة يافا-الناصرة، وكتابة عبارات معادية للعرب على شاحنات فيها، والتي ارتكبتها هذه المجموعات فجر الجمعة الماضي.

ويأتي قرار حظر نشر التفاصيل بالرغم من رصد كاميرا إحدى المحال التجارية للمتطرفين أثناء تنفيذهم لجريمة الحرق.

وتأسست منظمة "عصابة تدفيع الثمن" أو بالعبرية (تاغ محير) الصهيونية المتطرفة منذ سنوات، وهي منظمة قائمة على مبدأ طرد العرب والتخلص منهم، ونفذت اعتداءات مستمرة على المواطنين والممتلكات الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية في مختلف المدن الفلسطينية.

وفي كل جريمة تقرر محكمة الاحتلال أيضًا عدم نشر هوية أي من المشتبهين بارتكابها، بادعاء "استكمال التحقيقات".

تعمل بقرار سياسي

ولا تعلق جماهير الداخل الفلسطينية أية أهمية لتحقيقات شرطة الاحتلال ومحاكمها في هذه الجرائم، وفق ما يؤكد رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بالداخل محمد بركة.

ويقول بركة لوكالة "صفا"، إن الإعلان عن حظر نشر تفاصيل هذه الجريمة وما سبقها من جرائم، يأتي كما هو الحال في كل مرة، للتستر على هذه الجرائم.

ويضيف "وحتى لو لم يتم حظر نشر تفاصيل التحقيقات، فإن هناك تسترًا عليها من المؤسسة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية، التي تعتز بأنها تستطيع الوصول لأي مكان، فيما لا تصل لهؤلاء!".

ولكن بركة يؤكد أن هذا التستر يبين وبشكل واضح أن مجموعات "تدفيع الثمن" لا تعمل لمواجهة القانون، وإنما ضمن من يشرعون القانون الصهيوني، أي ضمن أولويات القرار السياسي وتحت رعايته.

ولو كان الأمر غير ذلك-كما يرى بركة- لتعاملت المؤسسة الصهيونية بشكل جدي مع هذه المجموعات المتطرفة، ووضعت يدها عليها، خاصة وأنها مجموعات معروفة بالأسماء وبالأماكن التي تنمو فيها.

ويعتبر أن التكتم وحدة ليس السبب الوحيد الذي يدفع هذه المجموعات لارتكاب مزيد من الجرائم ضد فلسطينيي الـ48-وإن كان سببًا-، ولكن الدافع الأساسي الضوء الأخضر من حكومة الاحتلال، وبالتالي فإن القضية سياسية بحتة.

وحسب احصائية لمنظمة وجمعية "تاغ محير" اليسارية المناهضة لعصابة "تدفيع الثمن"، فإن هذه الجماعات ارتكبت منذ عام 2009 أكثر من 40 اعتداء حرق لمساجد وكنائس، بالإضافة لمئات جرائم الاعتداء على ممتلكات الفلسطينيين.

تصنيفها بالإرهابية

ومؤخرًا، أصدر قانونيون في الداخل توصيات قانونية، أكدوا فيها أن "الحكم في جدية الاحتلال في محاربة منظمات تدفيع الثمن، هو مدى تعرفيها لها".

ويكشف هذه الجدية من عدمها قرار الحكومة الصهيونية الرافض لتصنيف منظمات "تدفيع الثمن" كمنظمة إرهابية، وطالما ترفض هذا التنصنيف فلن تتوقف جرائمها، كما يقول الخبير في الشئون الصهيونية بالداخل انطوان شلحت.

ويرى في حديث لوكالة "صفا" أن الواضح وبشكل جلي، أن هناك تغطية من الأجهزة الأمنية وعلى رأسها القضائية الإسرائيلية على نشاطات هذه المجموعات.

وكان الرئيس السابق لجهاز "الشاباك" الصهيوني، قال في قضية "تدفيع الثمن"، "إنه يمكن القضاء على هذه المجموعات إذا توفرت إرادة لذلك".

وهنا يجزم شلحت بأن دولة الاحتلال بمستواها السياسي الأعلى ليست جادة في كشف هذه الجماعات، وذلك لأن الأساس هو رفض حكومتها منذ سنوات اعتبارها جماعات إرهابية، وهذا بحد ذاته أكبر دليل على ما سبق الحكم عليه.

"وبالرغم من عدم وجود إشارات قوية على مشاركة الأجهزة الأمنية الصهيونية في ارتكاب جرائم تدفيع الثمن، إلا أن عدم تعاطي المستوى الأمني معها بجدية واتخاذ إجراءات ضدها، يؤكد تغطيتها عليها".

وفي النهاية، فإن المستوى الأمني لا يمكنه التصرف والمضي بأي اجراءات إلا بوجود قرار سياسي بدرجة أولى.

ويشدد الخبير على أن الحكومة الصهيونية والجيش تضربان الفلسطينيين بسيف هذه المجموعات، بل وتعتبرانها وسيلة لتكريس الاحتلال.

استمرارها وأسبابه

وأثار حظر نشر تفاصيل الجريمة-المتكرر- غضبًا واسعًا وسط فلسطينيي الداخل الذين خرجوا في تظاهرة مساء السبت عقب جريمة حرق سيارات يافا الناصرة، تنديدًا باستمرار جرائم "تدفيع الثمن" ضدهم وضد ممتلكاتهم ومقدساتهم.

ويتزامن هذا الغضب مع تكرار وتصاعد جرائم هذه المجموعة ضد ممتلكات الفلسطينيين من حيث الوتيرة والمدة الزمنية بين كل جريمة، وقد سبق هذه المجموعة حرق سيارات بمدينة عكا، ومن بعدها الاعتداء على مسجد "حسن بيك" بيافا مرتين خلال شهرين.

وإزاء هذا الواقع، فإن الخبير شلحت يذهب بالقول إنه ليس من خيار للجم جرائم هذه المجموعات المتطرفة، سوى إيجاد رؤية واستراتيجية شمولية ليس فقط لمواجهتها وإنما لمواجهة الاحتلال، لأن مشكلة الفلسطينيين مع الاحتلال بشكل عام وليس مع هذه المجموعات.

ولكنه يعتبر أن الوضع الفلسطيني الداخل المتشرذم وغياب مؤسسات موحدة وتأكل مرجعيات الشعب الفلسطيني وعلى رأسه منظمة التحرير الفلسطينية، تقف عائقًا أمام وضع أي استراتيجية فعّالة.

ولذلك يحكم شلحت، بأن غياب ما سبق بالإضافة إلى عدم وجود رادع صهيوني لهذه الجماعات، سيشكل دافعًا لاستمرار جرائمها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى