الانحراف والغلو هدم للمجتمع وضياع للأمن
المجد-
يعتبر فقدان الأمن الفكري سبباً لانتشار الفتن، وظهور الفرق والانشقاق وحصول القلاقل والاضطرابات، وضرب النسيج الاجتماعي، وتخريب علاقات الدولة في مختلف المجالات، وهذا ما يسعى إليه أعداء الأمة بكل ما أوتوا من قوة وأدوات.
يعتقد البعض أننا نقصد بمفهوم حماية الأمن الفكري محاصرة الأفكار المغذية للتطرف، لكن في الحقيقة فإن هذا المفهوم يهدف بشكل عام إلى حماية العقل من كل انحراف في التفكير سواء كان باتجاه التطرف والغلو، أو الانحلال الأخلاقي، والخروج على ثوابت المجتمع وأخلاقه.
فالشخص المتعاطي للمخدرات لديه خلل في التفكير، والذي يخضع لوساوس الشيطان ويرتكب المحرمات هو منحرف فكرياً، ولا يختلف عن الأشخاص الذين ينساقون وراء الأفكار المتطرفة المضادة لسماحة الدين.
فمن هو المسؤول عن حماية الأمن الفكري في المجتمع؟ الإجابة هي أننا جميعاً شركاء في المسؤولية، ابتداء بالتربية الصحيحة وهي مسؤولية الأسرة، وليس انتهاء بالمؤسسات التعليمية المختلفة، والجماعات الدعوية والمؤسسة الأمنية التابعة للدولة، فكل مكونات المجتمع مسؤولة عن حماية عقول أبنائها من محاولات التدمير والتخريب.
لقد حرص الإسلام على حماية الأمن الفكري، فقد أنكر الله عز وجل على أهل الكتاب من غير المسلمين غلوهم في الدين من أجل حماية المسلمين ونهاهم وحذرهم من ذلك قال تعالى: (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم) وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال *إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين*.
ولعلاج هذه المشكلة والآفة فإنه ينبغي التمسك بكتاب الله وسنة نبيه عملاً وقولاً واعتقاداً في شتى ميادين الحياة، كما يجب مجانبة التعصب لآراء وأقوال الأئمة مهما علت رتبتهم وارتفعت منزلتهم، كذلك يجب الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وخفض الجانب للمؤمنين، ويجب على العلماء والأئمة القيام بواجبهم في هذا الميدان، وأن يكونوا مصابيح للناس يرفعون الجهل عنهم.