هل نحن مقبلون على حرب؟ وما هو المطلوب منا؟
المجد – خاص
بعد صدور تقرير مراقب الدولة الذي سلط الضوء على إخفاقات الاحتلال في العدوان على غزة عام 2014، زادت وتيرة الحديث عن إمكانية حدوث عدوان جديد على قطاع غزة، خاصة في ظل الأزمات التي يعاني منها "نتنياهو" بعد اتهامه بأربع قضايا فساد، وهذا يعني أن تقديم لائحة اتهام ضده ستؤدي إلى اختلال الحكومة.
كما أن اشتداد الحصار على قطاع غزة، وانقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر دفع البعض للقول بأن المقاومة في غزة قد تلجأ إلى المبادرة بخوض مواجهة جديدة مع الاحتلال للخروج من هذه الأزمة.
في هذا الاطار هناك ما يرى أن ما سبق قد يدفع لخوض مواجهة جديدة، فيما يرى آخرون أنها دوافع غير كافية، وأن المقاومة والاحتلال غير معنيان في المواجهة في المرحلة الحالية، إلا إذا تجاوز أحد الطرفين الخطوط الحمراء.
المحلل السياسي والمختص في الشؤون الصهيونية محمود مرداوي قال: "لا أعتقد أن الوضع في الجنوب يقترب من مواجهة وفق المعلومات والمعطيات الموجودة، ولا يوجد أي تغيير يدفع باتجاه تقدير موقف جديد، وما نشاهده في الوقت الحاضر من زيادة في وتيرة التغطية الإعلامية يعود بالدرجة الأولى لتقرير مراقب الدولة وتسليط الضوء على إخفاقات وجوانب الفشل، الأمر الذي يحيي الرغبة لدى الجمهور ليعرف ما يجري، والصحفيون بدورهم يلبون هذه الشهوة من أجل مصالحهم وعائداتهم، لكن في المحصلة دولة الاحتلال لا تملك رغبة بالحرب على غزة خلال الفترة الحالية لغياب هدف ممكن تحقيقه بدون كلفة عالية".
وأضاف مرداوي إلى أنه "في المقابل لا يوجد لدى المقاومة الفلسطينية رغبة في دخول الحرب وتعمل لمنع ذلك، وعليه فلن يجد العدو مبرراً لشن حرب جديدة. لكن تجدر الإشارة أن العدو في حالة صعبة وتمر على "نتنياهو" أزمات تتعلق بمستقبله السياسي في مجال الفساد وسوء الإدارة، فأي تصرف غير مضبوط من طرفنا وارتجال لن تحاول القيادة الصهيونية امتصاصه، بل ستجد فيه فرصة لتحقيق أهداف جانبية ليس لها علاقة بالحرب مباشرة".
وأشار إلى أن "ما يُلاحظ من تدريبات واستعدادات يقوم بها جيش الاحتلال الصهيوني فهذه تدخل في إطار تطبيق خطة جدعون التي تعتبر الخطة التشغيلية للخطة الإستراتيجية المسماة إستراتيجية أيزنكوت".
وختم مرداوي قوله بأنه "يجب على المقاومة والحكومة في غزة امتصاص أي استفزازات من العدو لا ترقى لتغيير المعادلات على أن تستمر المقاومة بالاستعداد والإعداد وتحسين شروط الحياة للسكان والتخفيف عنهم، والتصدي لكل الإشاعات وتضخيم التحليلات والتقارير الصادرة عن العدو ومنع حالات الاحتكاك والتصرفات الشاذة من المتطرفين فكرياً ومنع الارتجال بأكبر قدر معين".
على محمل الجد
من جانب آخر يرى المحلل السياسي مصطفى الصواف "بضرورة أخذ تصريحات العدو على محمل الجد، ولكن ذلك لا يعني أن نتعامل معها بشكل يحول الأمر إلى رعب أو خوف، ولكن لابد أن ندرك أن جزء من تصريحات العدو تندرج في الحرب النفسية".
وأتبع الصواف بأنه "يجب أن نكون على جاهزية تامة لأن هذا العدو لا يتوقف عن التفكير بالعدوان، وزاد الأمر حالة "نتنياهو" وفساده والتحقيقات معه، وكذلك تقرير مراقب الدولة، وقد يعمل على تصدير الأزمة من خلال عدوان جديد"، مضيفاً أن "العدو يفكر بالعدوان بشكل مستمر ولكن ينتظر الوقت الأنسب لذلك حتى يحقق نوعاً من النصر الذي لم يحققه في الاعتداءات السابقة".
وأكد أنه "حينما يتحدث عن الاستعداد فإن الاستعداد ليس مقصوراً على المقاومة والتي تعي الأمر وتعمل ليل نهار للمعركة القادمة، ولكن مطلوب من جميع الصحفيين ووسائل الإعلام والمحللين ونشطاء مواقع التواصل وكل أشكال الإعلام الجديد أن نعي ونحذر من كل ما ينشره العدو وأن نضعه ضمن الحرب النفسية"، مضيفاً أنه "في نفس الوقت ضرورة العودة إلى المصادر الفلسطينية الرسمية المتعلقة بالمقاومة وأن لا نأخذ كل ما ينشر في الإعلام الصهيوني على أنه حقائق مسلم بها، ولابد من تفنيدها ووضعها في سياقها الصحيح، وعلينا أن ندرك أن كل ما يتعلق بنا هو أمني مخابراتي مدروس من قبل العدو".
وأضاف الصواف بأن "العدو يعد لعدوان لا شك ولكن لا أحد يعرف متى يكون هذا العدوان، وعليه فإن التوعية وتحصين الجبهة الداخلية والتي تشكل الحاضنة للمقاومة ضرورية، كما أن المطلوب الصراحة مع الجمهور وعدم حجب الحقائق عنه بقدر ما تتطلبه المصلحة العامة وتحصين الجبهة الداخلية".
وختم الصواف حديثه بـ "ضرورة العمل على توحيد الصف الداخلي ولو بالحد الأدنى، وأن العدو في عدوانه لا يفرق بين أحد فهو ينظر إلى أن جميع المجتمع الفلسطيني عدو يجب قتله، وهذه القاعدة التي يجب أن نفهمها ونعمل عليها لتوحيد صفنا الداخلي".
لا هدف استراتيجي حالياً
أما المختص في الشؤون الصهيونية أيمن الرفاتي فيرى أن "حالة الغليان السياسي الداخلي التي يعيشها الاحتلال قد يُرى أنها ستقلب معادلة الهدوء والاستقرار الذي تعيشه المنطقة بما يجر حرباً جديدة، إلا أن هذا الاعتقاد ربما يصطدم بكثير من العقبات الموضوعية".
وأتبع الرفاتي أن "مما لا شك فيه أن دوافع دولة الاحتلال لشن حرب جديدة على قطاع غزة لازالت غير مكتملة في قضايا أساسية، أبرزها عدم وضوح أهداف الحرب وما يمكن تحقيقه، وفي هذا الإطار لا يملك "نتنياهو" أي مصوغ جديد لشن حرب جديدة".
وأضاف الرفاتي أن "فرص إقدام الاحتلال على حرب تتعزز في حال وصلت لهدف استراتيجي مثل قائد كبير في المقاومة أو مكان سلاح يكسر المعادلة بشكل كبير، أو مكان الجنود الأسرى في غزة" مضيفاً أن "وجود غادي أيزنكوت في هيئة الأركان يمنع استخدام الجيش لأهداف حزبية لأعضاء الكبينت".
وأوضح أنه "طالما أن العدو لم يجد حلاً لمعضلة الأنفاق الإستراتيجية فإنه سيتردد كثيراً في دخول حرب جديدة، وطالما أن المقاومة لا ترغب في دخول حرب جديدة مع الاحتلال خلال الفترة الحالية لن يجد العدو مبرراً لشن أي هجوم قريب"، مضيفاً أن "المقاومة باتت تملك معادلة الحرب فأي عملية من طرفها قد تشعل الحرب لأن العدو لن يستطيع امتصاصها نظراً لوضعه السياسي الداخلي، بينما استفزازات العدو يمكن للمقاومة امتصاصها ما لم تمس بالخطوط الحمراء".
وختم الرفاتي قوله بأن "الاستعدادات التي تجري على حدود غزة والمناورات الصهيونية المتواصلة تأتي في إطار التدريبات الاعتيادية وفق خطة جدعون التي أقرها أيزنكوت لرفع كفاءة الجيش وابقاءه على أهبة الاستعداد".
ختاماً نرى في موقع "المجد الأمني" أن المطلوب من الجميع عدم إرباك الساحة الفلسطينية وتوتيرها وتضخيم الأمور، ولابد من وضع الأمور في نصابها الصحيح بلا تضخيم أو زيادة، لكن في نفس الوقت يجب على أصحاب الشأن والمعنيين بعدم التغافل عن أي حماقة قد يرتكبها الاحتلال عاجلاً أو آجلاً، ويجب أن نبقى على أهبة الاستعداد لأي طارئ.