وحدة جديدة للعمليات الرقمية وخلاف على قيادتها
المجد – خاص
في ظل التطور التقني المتسارع الذي يعيشه العالم المعاصر، والضربات القاتلة التي تلقتها القيادة العسكرية من المقاومة الفلسطينية مؤخراً، بات لزاماً عليها استغلال كل ما توفر لديه من تقنيات وأنظمة رقمية في سبيل تكريس هيمنته وتعزيز إمكاناته الأمنية والعسكرية، وفي ظل تنامي سلاح السايبر كقوة جديدة ضربت الاحتلال في مقتل، تعتزم المؤسسة العسكرية إنشاء وحدةٍ جديدةٍ تختص بالعمليات التي تتخذ من الفضاء الرقمي ميدانًا لعملياتها، وتُعرف باسم "وحدة السايبر".
مبنى برأسين
في المراحل الأولى من تكوين "وحدة السايبر" هذه، ستتعاون الاستخبارات العسكرية _ كما السابق _ مع قسم الحوسبة في الجيش على وضع الأسس لهذه الوحدة، لأنه في وقت قريب، كانت أعمال السايبر العسكرية مُقَسمة ما بين جهاز الحوسبة في الجيش الذي اهتم بالجانب الدفاعي، وجهاز الاستخبارات العسكرية _بدعم من الوحدة 8200_ الذي أخذ على عاتقه جمع المعلومات الاستخبارية وضرب الأهداف.
تحديات في قيادة الوحدة
إن هذا يشبه مبنىً برأسين، وبهذه الصورة لا يمكن الاستمرار بالعمل، الذي يتطلّب الجهد المضاعف، والدقة العالية، والتخطيط الاستراتيجي، والتطوير، بالإضافة إلى خيال عسكري مدرّب على سرعة رد الفعل.
هكذا علق المهتمون العسكريون والامنيون بالشأن الصهيوني على الأمر، وأجمعوا على أن ثمة تحديات غير بسيطة أمام صانعي القرار في المؤسسة العسكرية، التي تتعلق بالهيكلية التنظيمية في وحدة "السايبر"، سنعرض ما أمكن منها:
1. صراع بين أربع وحدات في الجيش لقيادة هذه الوحدة، حيث أُقرَّ بأن يكون عمل "السايبر" فقط من خلال واحدة منها، وهي الجوية، والبحرية، والاستخبارات والبرية، والاتجاه صوب الأخيرة حيث أن الثلاث الأول تختلف في بنائها وتعريفها عن الوحدة البرية، التي عُرِّفت على أنها بنيوية في القوى العسكرية، ولأن وحدة "السايبر" هي وحدة برية بنيوية.
2. السايبر ليس من مهمة الاستخبارات بشكل خالص، حيث هناك ادعاء بأن الإفراط في تدخل جهاز الاستخبارات في مجال السايبر، يمكن أن يؤثر سلباً على قدرات الجهاز في تنفيذ العمليات المنوطة به، وفي المقابل لم يُحقق الهدف المرجو منه والمتمثل في استغلال إمكانات الفضاء الرقمي عسكرياً بالدرجة المأمولة.
3. الافراط في مركزية الوحدة حيث تتركز المسؤولية الكاملة في الوحدة الجديدة للسايبر في يد قيادة الأركان، وهذا يتطلب تهيئة تنظيمية ومهنية مناسبة لطبيعة عمل الوحدة وعلاقتها بأجهزة الكيان المختلفة.
4. من المهم جداً العمل على فحص التبعية التنظيمية لجهاز السايبر، ليس فقط بالنسبة لقيادة الأركان العامة، وإنما أيضاً فيما يخص المستوى العملياتي والتكتيكي، لا سيما في التعامل مع منظومات السيطرة والتحكم عند العدو، والعمليات الخاصة التي يمكن للسايبر ضربها بأدواته.
5. الجيش ليس هو الجهة الوحيدة التي تنشط في مجال السايبر، ففي داخل الكيان تختص عدة هيئات مدنية في هذا المجال، كوزارة العلوم والتكنولوجيا والفضاء، ووحدة التدخل الرقمي السريع "CERT" ومكتب السايبر القومي التابع مباشرة لمكتب رئيس الوزراء، بالإضافة إلى أجهزة الأمن من الشاباك والموساد، وكل هذه الأجهزة العاملة في الحقل الرقمي لا بد منها أن تقوم ببناء قنوات اتصال مع الجيش، الأمر الذي ليس بالهين بناؤه.
يجدر في النهاية التأكيد على مدى تأثير القرارات التي سوف تُتخذ فيما يخُص طبيعة عمل وحدة السايبر، لا سيما في علاقتها بأجهزة الدولة والجيش المختلفة، على جودة وفعالية أداء الوحدة، التي من المتوقع أن تواجه تحديات كبيرة، فضلاً عن التحدي الأكبر وهو المقاومة الفلسطينية الواعدة.