كيف هرب الموساد يهود الفلاشا إلى الكيان الصهيوني؟
المجد- وكالات
كشف تقرير لموقع "والا" الصهيوني تفاصيل جديدة عن عملية تهريب يهود "الفلاشا" من إثيوبيا إلى الكيان عبر الأراضي السودانية في عهد الرئيس السابق جعفر النميري.
وأوضح الموقع أن جهاز "الموساد" الصهيوني أقام قرية سياحية على شواطئ السودان المطلة على البحر الأحمر وعهد بإدارتها لعميلة من الموساد تدعى يوليا تحمل جنسية أجنبية، بهدف التستر على عمليات تهريب يهود "“الفلاشا”" بين عامي 1985 و1989 من إثيوبيا إلى الكيان.
وبين أنه "تم تزويد العميلة الصهيونية بجهاز اتصال لاسلكي لحالة الطوارئ مع تعليمات بالوصول إلى قارب خاص للنجاة بانتظار وصول طواقم لإخراجها من مياه البحر وإعادتها إلى تل أبيب".
وذكر أنه تم خلال عملية تهريب يهود "الفلاشا" من إثيوبيا إخراج أكثر من 20 ألف يهودي تم جلبهم إلى فلسطين المحتلة وتوطين غالبيتهم العظمى في النقب وفي البلدات الفقيرة المعروفة باسم بلدات التطوير.
ولفت "وللا" إلى أن "عملية إخراج يهود "الفلاشا" امتدت على عدد من العمليات المختلفة أطلق عليها جميعًا اسم (حملة الأخوة) وإن كان اشتهرت منها عمليتا (حملة شلومو) و(حملة موشيه)".
وكان يتم إنزال المهاجرين بعد وصولهم للسودان لقرية سياحية على شواطئ البحر الأحمر أقامها الموساد، وشكلت غطاء لعملية تهريب اليهود، حيث لم يكن السياح الأوروبيون الذين وصلوا للقرية السياحية وتمتعوا بعمليات الغوص على علم بأنهم محاطون بعشرات عناصر الموساد وأن القرية كلها كانت غطاء لهذه العمليات.
ونوّه الموقع الصهيوني إلى أن "مجمل هذه العمليات كانت معرضة لخطر انكشافها وهو ما حدث فعلاً في إحدى المرات بفعل سائح كندي من أصول يهودية سبق له أن زار الكيان وتعرف على أنواع الطعام والمأكولات وقد ثارت شكوكه عند تلقيه وجبة فطور في السودان ذكرته بالتي تقدم في المطاعم والفنادق الصهيونية كما تعرف على اللكنة الصهيونية لمدرب الغوص فوجه سؤالاً للمدرب لمعرفة ما إذا كان يهودياً أم لا".
وأشار إلى أن إرباك المدرب الصهيوني كان دليلاً على صحة شكوك السائح الكندي الذي فضّل بفعل أصوله اليهودية الحفاظ على السر ولم يكشف الأمر.
ونقل الموقع عن قائد عمليات الموساد في القرية السياحية المذكورة داني ليمور أنه "اختار المدربة يوليا التي عملت بالأساس مضيفة في شركة العال بفعل محبتها للبحر والغوص عدا عن إتقانها اللغة الألمانية بفعل أصول والديها".
وذكر أنها كانت تملك بالشراكة مع أصدقاء لها أحد أكبر قوارب السياحة في الكيان وهو يخت أطلق عليه اسم "يمينغا" على اسم آلهة البحر البرازيلية، وامتلكت شركة سياحة في إيلات.
وبحسب التفاصيل التي أدلى بها داني ليمور فإن "الحملة كلها في القرية السياحية المذكورة، تمت على يد طاقم للموساد مكون من 20 شخصاً فقط".
فيما ذكر أفرايم هليفي الذي كان مسؤولاً في الموساد عن عمليات جلب اليهود من الدول العربية والإسلامية في تلك الفترة وعين رئيسًا للموساد لاحقًا أن "العمليات تمت بظروف تمثلت بتواجد محدود النطاق للموساد في إثيوبيا وأنه كانت حاجة كبيرة لعمليات لجمع معلومات كافية تضمن تنفيذ الحملات مع أكبر قدر ممكن من الأمن لعملاء الموساد المشاركين في هذه العمليات".
وأوضحت الظروف هي التي اقتضت تجنيد يوليا وتدريبها خلال فترة قصيرة بفعل التطورات السياسية في المنطقة في تلك الفترة.
وأضاف هليفي أنه "طرح الفكرة على رئيس الموساد آنذاك يتسحاق حوفي فوافق عليها ومن ثم تم تأسيس شركة أوروبية على يد ليمور الذي كان غطاءه في العمليات كونه رجل أعمال أوروبي، حيث أسس ليمور شركة أوروبية مختصة بالسياحة قامت لاحقًا بشراء القرية السياحية السودانية المهجورة مرسى آروس على شاطئ البحر الأحمر وعلى مسافة 70 كيلومترًا من أقرب مدينة".
وأوضح أن هذا ترك المجال مفتوحاً أمام الموساد لتطوير المكان بما يلائم احتياجات العملية، وفي الوقت ذاته تمّ تطوير الجانب السياحي للقرية ليكون غطاء للنشاط فيها مع إحضار عملاء يحملون جنسيات أوروبية مختلفة، واعتمد جهاز الموساد على المردود الاقتصادي للقرية السياحية بعد تنشيطها كعامل في ضمان موافقة الحكومة السودانية لحاجة الأخيرة للعملة الأجنبية.
وبحسب موقع "وللا" فإن "حكومة السودان تحت جعفر النميري الذي كانت له علاقات مع الكيان الصهيوني، وافقت ورحبت بالفكرة وتم إيفاد العميلة يوليا إلى السودان بصفتها سيدة أعمال ألمانية تهوى الغطس لتقوم بإدارة القرية السياحية عبر تشغيل موظف سوداني الأصل في الواجهة، فيما قام الموساد بعملية نقل يهود “الفلاشا” سرًا".
مع ذلك قال هليفي، إن "العمليات التي تمت من القرية السياحية كانت سرية وبدون علم السلطات السودانية التي كانت تشعر بأن شيئًا ما يحدث لكنها لم تصل إلى حقيقة ما يجري".
وكما في نشاطات سابقة وعمليات مشابهة للموساد فقد أقامت العميلة يوليا، علاقات جيدة مع أحد رجال الأعمال الأثرياء في السودان وجعلت من بيته المنعزل نقطة مراقبة للقرية السياحية مما مكنها من استباق عمليات التفتيش والمداهمة من السلطات السودانية وإخفاء كل ما من شأنه كشف العملية.
وأظهر التقرير أن العملية كلها كانت بمعرفة وكالة الاستخبارات الأميركية "سي أي إيه" وأن مندوب الوكالة في العاصمة السودانية الخرطوم زار القرية أكثر من مرة وكان العنوان المتفق عليه لإرسال وتلقي رسالة في حالة الطوارئ والحاجة لإخلاء الموقع.
وكان الموساد اتفق مع مندوب عن اليهود “الفلاشا” لتنظيم عمليات نقلهم إلى الكيان الصهيوني عبر نقل بضعة مئات في كل مرة مع نقل المهاجرين في ساعات الليل تحسبًا من حواجز الطرق الشرطية والعسكرية في السودان.
وقد استمرت هذه العمليات على مدار خمس سنوات كاملة من القرية السياحية وتخلّل ذلك نقل اليهود "الفلاشا" براً من إثيوبيا وعبر الأراضي السودانية وصولاً إلى القرية السياحية ومنها في زوارق "الزودياق" كما تسمى في السودان إلى سفن البحرية الصهيونية في البحر الأحمر.
واستمر النشاط الصهيوني في القرية السياحية إلى أن تم الكشف عنه في 1985، وتم اللجوء إلى مندوب "سي أي إيه" لتنظيم عملية إخراج عملاء الموساد من الموقع، حيث تم إخراجهم في صناديق خشبية.
وبعد ذلك بدأ الموساد بنقل اليهود "الفلاشا" وتهريبهم من قلب الأراضي السودانية عبر الطائرات من نقاط تجمع خاصة في المقابل تم تدمير كل المنشآت السرية في القرية السياحية وإخفاء آثار النشاط السري الصهيوني فيها.