الشارع المغربي متذمر من منع الجزيرة ومحاكمتها
الجزيرة نت
ما زال موضوع محاكمة مدير مكتب الجزيرة بالرباط حسن الراشدي على خلفية الأحداث العنيفة التي شهدتها مدينة سيدي إيفني يوم السابع من الشهر الماضي، يحتل حيزا مهما من الصحافة المغربية. فقد نقلت بعض الصحف الصادرة اليوم ما قالت إنه “تذمر في الشارع المغربي” من هذه المحاكمة –التي تعقد اليوم جلستها الثانية- ومن سحب الاعتماد الصحفي من الراشدي.
احتراز المسؤولين
يومية الجريدة الأولى المستقلة أنجزت تقريرا عن ظروف عمل طاقم الجزيرة بمكتب المغرب بعد منع بث نشرة المغرب العربي من الرباط وكذا بعد أحداث سيدي إيفني وقرار السلطات المغربية سحب الاعتماد الصحفي من مدير المكتب حسن الراشدي ومتابعته أمام القضاء بتهمة “نشر خبر زائف”.
وقالت الصحيفة إن التذمر يسود الشارع المغربي بسبب منع بث النشرة ومتابعة الراشدي، وكتبت أنه “لا تكاد تجد فرقا بين رأي الشارع المغربي والطاقم التقني لقناة الجزيرة” حول هذا الموضوع.
وزار موفد الصحيفة مبنى مكتب الجزيرة ونقل الأجواء التي تسود هناك، ونقل عن مراسل الجزيرة محمد فاضل قوله إن بعض المسؤولين المغاربة أصبحوا يتعاملون مع مراسلي القناة “باحتراز كبير”، مضيفا أن بعض الرسميين “أصبحوا يرفضون الحديث للجزيرة تارة خوفا من التأنيب، وتارة تعبيرا عن موقف رسمي”.
وتساءل فاضل –حسب الصحيفة- “هل أضحت الصحافة تهدد الدولة؟ وهل طاقم الجزيرة خطير إلى هذه الدرجة؟”، مشيرا إلى أن العمل بعد توقيف جهاز البث من المغرب “أصبح من الناحية التقنية أكثر صعوبة من ذي قبل”.
وأوردت الصحيفة أن مكتب قناة الجزيرة اضطر للتعامل مع شركة للإنتاج الإعلامي لإرسال التقارير إلى الدوحة واستقبال ضيوف النشرات، مضيفة أن منع القناة من جهاز البث فوت عليها متابعة الأحداث والمستجدات فور وقوعها.
ونقلت الجريدة الأولى عن منتج النشرة المغاربية بلقاسم جعفرية قوله إن طاقم الجزيرة بالرباط يتلقى “انطباعات المشاهدين من المغرب وتونس وموريتانيا والجزائر وكلها تتضامن وتعلن انزعاجها من توقيف النشرة”، مضيفا أن ذلك “يجعل معنويات فريق الجزيرة مرتفعة في ساحة الحرب الإعلامية”.
أما مراسلة الجزيرة إقبال إلهامي فترى أن العمل في هذه القناة “التزام مع المشاهد العربي، وأي قرار يتخذ ضد الجزيرة فهو قرار ضد المشاهد”.
وتضيف إقبال أن “العمل حاليا في ظل الظروف التي فرضت على طاقم القناة بالمغرب يتطلب القيام بجهد أكبر كي لا نترك فراغا في الساحة ولا يحس المشاهد بأن هناك نقصا يعتري المنتج الإخباري للجزيرة”.
اعتذار الحكومة
وكتبت أسبوعية الحياة المستقلة أن الدولة المغربية “أبت إلا أن تمتد أحداث سيدي إيفني خارج المدينة وتتحول الأنظار إلى العاصمة الرباط لمتابعة أطوار محاكمة أضافت إلى الطابع الاجتماعي للأحداث طابعا إعلاميا”.
وقالت الصحيفة إن الجزيرة لم تكن الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي أوردت خبر سقوط قتلى في سيدي إيفني، وأضافت أنه “في مثل هذه الأحداث تتعدد المعطيات وتتناقض المعلومات ويزداد الأمر صعوبة لدى الصحفي إذا كانت الجهات الرسمية تستنكف عن الكلام”.
وأكدت أنه في مثل هذه النوازل يكون نفي “الخبر الزائف” كافيا لتصحيحه، لكن “الجزيرة أصبحت مطالبة بالاعتذار، ما يفيد بأن الجهات التي حركت المتابعة لم تكن منشغلة بالحقيقة -وإلا لكان النفي كافيا- أكثر مما كانت تتحين الفرص لتصعيد المواجهة مع الجزيرة”.
وذكّرت الحياة بتصريحات رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي حول ما شهدته سيدي إيفني، وقالت إنه نفى نفيا قاطعا وقوع أي أحداث في المدينة، لكنه “لم يعتذر للشعب المغربي على هذا (الخطأ) الذي وقع فيه أو أوقعته فيه مصادره”.
وأضافت أن الوزارة الأولى لم تفتح تحقيقا “لمعرفة من يتحمل المسؤولية في تزويد الوزير الأول بـ(معلومات زائفة) بثها في الناس بكل اطمئنان وثقة”، وخلصت إلى القول إنه “إذا كان الوزير الأول لم يعلم بحقيقة ما جرى بسيدي إيفني فتلك مصيبة، وإذا كان على علم بالحقيقة وأراد إخفاءها فالأمر أخطر من المصيبة”.
مسؤولية وزارة الداخلية
وفي موضوع التحقيق الذي تباشره لجنة كونها البرلمان المغربي للبحث في أحداث سيدي إيفني، كتبت يومية المساء المستقلة أن وزير الداخلية المغربي شكيب بنموسى أقر أمام اللجنة بمسؤولية وزارته في إعطاء الأوامر باستعمال القوة والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين.
أسبوعية الحياة
ونقلت عن مصدر من اللجنة تصريحه بأن بنموسى قال أمام أعضاء اللجنة عندما سئل عن الجهة التي أعطت الأمر بالتدخل، إن قرار استعمال القوة “تم اتخاذه على المستوى المركزي”.
أما يومية أوجوردوي لوماروك (المغرب اليوم) المستقلة الصادرة بالفرنسية فقد كتب أحد كتاب الرأي فيها أن أطرافا سماها باليسارية “استغلت” حقوق الإنسان في سيدي إيفني “للوصول إلى أهداف سياسية”.
وقال الكاتب إن ما وقع في سيدي إيفني و”العزف على نغمة حقوق الإنسان ما هو إلا مطية لليسار المتطرف الذي يخوض معركة أخرى”، وأضاف أن “هؤلاء اليساريين مناهضون للملكية ومساندون لجبهة البوليساريو، وهي مواقف سياسية أصبحت قليلة التأثير ولا يمكنها تجييش الناس في مغرب اليوم”.
وأضاف أن “استعمال القوة عندما يفشل الحوار منهج يجري العمل به سواء في إيطاليا أو في السويد أو في فرنسا أو في المغرب، وإذا كانت هناك تجاوزات فلا بد من حصرها والمطالبة بأقسى العقوبات في حق المسؤولين عنها”.
استغلال عرقي
وفي مقابل ما سماه الكاتب “استغلالا لحقوق الإنسان” تحدثت يومية التجديد المقربة من حزب العدالة والتنمية المعارض عما قالت إنه “استغلال عرقي” لأحداث سيدي إيفني.
ونقلت عن ناشط في جمعية “سوس العالمة” ذات التوجه الأمازيغي قوله إن “بعض الأطراف الأمازيغية تحاول استغلال” أحداث سيدي إيفني “بشكل يهدد الوحدة الوطنية”.
وجاء تصريح هذا الناشط على هامش قيام وفد من عدة جمعيات أمازيغية مغربية بجولة في عدد من العواصم الأوروبية منذ 20 يونيو/ حزيران الماضي “من أجل كسب تأييد المجتمع الدولي” في المطالبة بحكم ذاتي للمناطق الأمازيغية في المغرب حسب الصحيفة.
وأضاف الناشط الأمازيغي أن “المغرب شعب واحد ليس فيه فرق بين عربي وأمازيغي”، منتقدا “محاولة جلب تأييد المجتمع الدولي استنادا لما تعرضت له ساكنة سيدي إيفني”، ومشيرا إلى أن “التهميش الذي تعاني منه بعض المناطق في المغرب ليس له علاقة بالعرق أو اللغة، وإنما هو خلل في التسيير”.