عين على العدو

لماذا يعتبر الإسرائيليون صفقتهم مع حزب الله خاسرة ؟

أجمع المعلقون الإسرائيليون على أن صفقة تبادل الأسرى التي توصلت إليها حكومة إيهود أولمرت مع حزب الله، تمثل سابقة بالغة الخطورة ستجد تداعياتها الخطيرة على الأمن الإسرائيلي. ساسة ومعلقون وعسكريون عرضوا المسوغات التي تبرر أحكامهم على الصفقة.فمنهم من اعتبر أن الصفقة تمثل نصراً لحزب الله ولخطه وتعزز معسكر ” المتطرفين ” في العالم العربي، في حين ستؤدي الى إضعاف ” المعتدلين “، الى جانب مساهمتها في المس بقوة الردع الإسرائيلية، فضلاً عن أنها ستشجع حركات المقاومة في العالم العربي على تنفيذ المزيد من عمليات الإختطاف.


تغيير استراتيجي


في مقال تحليلي نشره في موقع ” ynet”، الإخباري، قال المعلق روعي نحمياس أن صفقة تبادل الأسرى سيكون لها تداعيات بالغة الخطورة على الوضع الإستراتيجي لإسرائيل وسيزيد من قدرة اعدائها على ابتزازها، الى جانب مساهمتها في تعزيز قوة ونفوذ حزب الله  في لبنان بشكل كبير، معتبراً أن نتائج الصفقة تدلل على أن حرب لبنان الثانية اسفرت عن عكس النتائج التي رغبت اسرائيل في ان تسفر عنها، سيما اضعاف حزب الله عسكرياً وسياسياً. ومن أجل التدليل على حجته يضيف نحمياس ” بعدما تبين أن حزب الله ضاعف عدة مرات مخزونه من السلاح وتحديداً الصواريخ بمختلف انواعها، فأن الصفقة تمنح مواقف الحزب وشعاراته صدقية هائلة ليس فقط في لبنان بل في العالمين العربي والإسلامي، حيث أنه في الوقت الذي سيختبئ فيه حلفاء أمريكا والغرب في لبنان في غرفهم، فأن حزب الله وحلفائه سيملأون الدنيا صخباً احتفاءاً بما حققوه، وهذا أمر بالغ الخطورة “، على حد تعبيره.ويؤكد نحمياس أن هذا الواقع سيدفع المزيد من اللبنانيين لتأييد حزب الله، كما أنه سيضعف القوى المعتدلة في العالمين العربي والإسلامي. ويجزم نحمياس أن نتائج الصفقة ستجد ترجمتها في نتائج الانتخابات التشريعية اللبنانية القادمة، مؤكداً أن هذه الصفقة ستضمن لحزب الله وحلفائه نصراً كبيراً في هذه الانتخابات.


تشجيع للمقاومة


 أما موشيه أرنس وزير الحرب الأسبق فقد أكد أن الصفقة تدلل على صحة ما تم التحذير منه في السابق من أن صفقات تبادل الأسرى تغري حركات المقاومة وتدفعها لتنفيذ المزيد من عمليات الإختطاف، الى جانب أن مطالب الخاطفين تزداد جرأة وتطرفاً مع مرور الوقت. ويهاجم ارنس في مقال نشره في صحيفة ” هارتس “  أولمرت بسبب قراره بإجازة الصفقة قائلاً ” اولمرت أمدنا ببرهان جديد وكأننا بحاجة للمزيد من البراهين بعد خزي حرب لبنان الثانية، انه ليس من الممكن الاعتماد على هذه الحكومة لمعالجة المخاطر التي تلوح في الافق بصورة ملائمة. كلما اسرعوا في الرحيل كلما كان ذلك افضل “. أما بن كاسبيت كبير المعلقين في صحيفة ” معاريف ” فيعيد للأذهان تسلسل الأحداث الذي يدلل على عظمة الإنجاز الذي حققه حزب الله “  اختطف نصرالله الجنديين الإسرائيليين، واضطر اسرائيل الى الخروج للحرب، والى دفع ثمن باهظ، والى فقدان الردع، والى أن تتحمل شهراً من القصف الصاروخي على شمالي البلاد والى أن تطلق قنطار آخر الامر، واربعة لبنانيين واسرى فلسطينيين، وغير قليل من جثث مقاتلي وافراد حزب الله الذين دخلوا الشريط الامني منذ سنة 1982 الى 2000. كل ذلك من اجل الحصول على جثتين وتقرير “.


تآكل قوة الردع


توجهات وزير الحرب ايهود براك تشكيل لجنة لوضع توصيات تسير إسرائيل على هديها عندما يتم أسر جنودها من قبل حركات المقاومة، اثارت سخرية ناحوم برنيع كبير المعلقين في صحيفة ” يديعوت أحرنوت “. وفي مقال نشره في الصحيفة قال ” لن تمنع اية ورقة لجنة واي قانون كنيست نصرالله او مشعل من ان يعرضا مطالب مبالغ فيها عوض اعادة اسرائيليين مختطفين احياءاً او امواتا. ولن تمنع اي ورقة لجنة ولا اي قانون كنيست عائلات المختطفين من ان تصب حديثها المؤلم في مسامع قيادة الحكومة وان تجند مشاعر الجمهور بواسطة الاعلام في الضغط على الحكومة للاستجابة لشروط الخاطفين “. ويضيف ” اتركوا اللجان. واتركوا الاوهام. يحتاج هنا الى اجراء مختلف تماماً. ان يجرى قبل كل شيء نقاش عام مفتوح موضوعيٌ يقيم قيمة بازاء قيمة: القيمة التي تقول لا ندع جندياً في الميدان ولا جثه، بازاء القيمة التي تقول لا نخضع بأي حال للابتزاز “. عوزي بنزيمان المعلق في صحيفة ” هارتس ” يرى أن جزءاً من الأسباب التي تجعل الصفقة غير مستساغة حقيقة أنها أقرت من قبل حكومة يرأسها أولمرت. ويضيف في مقال نشرته الصحيفة ” اولمرت لم يتحرك من منطلق رؤية سياسية راسخة (مثلا عدم وجوب الخضوع لابتزاز العدو) ولا من خلال رؤية اخلاقية اساسية (مثلا فدية الاسرى كقيمة عليا)؛ هو تصرف كمضطر لاتخاذ قرار موضعي في ظروف غامضة. هذا هو نصيب رئيس الوزراء بصورة يومية والنجاح في هذه المهمة يستوجب ان يكون صاحب هذا المنصب متصفاً بالقوة النفسية المطلوبة – وان لا يحول عملية صناعة القرار الى مسرحية ومشهد عاطفي عاصف، يشارك فيه كل مواطنو الدولة وعلى رأسهم عائلات المخطوفين. اولمرت بدى كمن اختطف القرار من يديه ونقل الى قوى خفية “. واضاف ” القرار كان صحيحاً في الظروف الناشئة وهو ايضا يعبر بدرجة ما عن طبع اولمرت وشخصيته – هو انسان يمتلك ميزة الشفقة الانسانية وهو ليس لا مبالياً بمعاناة الاخرين مثل بعض من سبقوه في المنصب (وبعض من يطلبون خلافته) – ولكن مشكلته تكمن في تزعزع مكانته كمسؤول اعلى عن شوؤن الدولة “.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى