الأمن المجتمعي

ما هو الحس الأمني ؟

المجد – خاص

هو الشعور والإحساس بكل شيء من شأنه أن يخل بالأمن العام للدولة والمجتمع, ويعتمد الحس الأمني على أسباب وعوامل موضعية ينتج عنها شعور دخل النفس بوجود فعل أو حدث غير طبيعي يحتمل منه الإخلال بالأمن العام للدولة, سواء أمن الأفراد أو المؤسسات أو أي من مقومات ومقدرات الدولة.

ويعتمد الحس الأمني في أحد مرتكزاته على طبيعة الشخص وقدراته الذاتية, كما يعتمد على المعارف والمهارات المكتسبة, فضلاً عن الخبرات والتجارب التي خاضها الشخص, بحيث يصبح لديه القدرة على تحديد الخطر أو أي تصرف غريب أو أي مظاهر من شأنها الإخلال بالأمن.

وتبدأ عملية استشعار الخطر من خلال ملاحظة أي تصرفات غير طبيعية أو مشبوهة, ثم مراقبة هذا التحرك أو التصرف أو الموقف بحيث يتم التأكد من طبيعة هذا التحرك, وأنه يحمل في طياته مخاطر محتملة قد ينشئ عنها إخلال بالأمن, ثم تتم بعد ذلك عملية تفسير هذا التحرك أو التصرف من خلال تقدير مدى إمكانية أن يشكل هذا التصرف خطر على الأمن العام, واحتمالات أن يكون هذا التصرف طبيعياً ومبرراً ولا يشكل أي خطر على الأمن.

ولا يقتصر مفهوم الحس الأمني على رجل الأمن فقط, بل يشمل كافة أفراد المجتمع, فالحس الأمني مسئولية جماعية يعود بالنفع على كافة أفراد المجتمع, فأي تهديد أو خطر لا يقتصر تأثيره على فئة أو جهة معنية بل تتعدى آثار هذا الخطر أو التهديد لتشمل كافة مكونات المجتمع.

ولقد عني الإسلام بتنمية الحس الأمني لدى الفرد المسلم, وجَعَلَه مسئولاً عن أمن بلده كما هو مسئول عن أمن نفسه وأسرته وكل ما يخصه, ويظهر هذا جلياً من فعل الصحابة رضي الله عنهم, ومبادرتهم رسول الله صلى الله عليهم وسلم في التنبيه للمخاطر التي كانت تحيط بالمجتمع المسلم آنذاك.

ويتبين ذلك في قصة عمر بن الخطاب مع عمير بن وهب رضي الله عنهما, فبعد أن انهزم الكفار في غزوة بدر, جلس عمر بن وهب ولازال حينها مشركاً ولم يسلم بعد مع ابن عميه صفوان بن أمية, فحرض صفوان عمير بن وهب على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقاماً لقريش على ما أصابها في يوم بدر, على أن يكفل صفوان أهله ويسد دينه.

وانطلق عمير بن وهب إلى المدينة يحمل سيفاً حتى قدم المدينة, فرآه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو جالس في نفر من الصحابة فقال عمر بن الخطاب: "هذا عمير بن وهب, والله ما جاء إلا لشر", فقام إليه عمر بن الخطاب فأخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها, وقال لمن كان معه من الأنصار: "ادخلوا على رسول الله فجلسوا عنده, واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون".

فالحس الأمن الذي يتمتع به عمر بن الخطاب هو الذي دفعه لملاحظة تحركات عمير بن وهب رضي الله عنه غير الطبيعية, فأقدم على اتخاذ الإجراءات التي تكفل الأمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

فعلى جميع أفراد المجتمع المشاركة في تأمين مجتمعاتهم من خلال إدراك المهددات والمخاطر المحيطة, وتحمل مسئولياتهم الذاتية في الحفاظ على الأمن العام, ومشاركة الجهات الأمنية في تحمل أعباء حفظ الأمن بما يعود بالنفع عليك وعلى أسرتك ومجتمعك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى