عين على العدو

“الموساد” إنجازات لا تخفي السجل الطويل من الإخفاقات

المجد – وكالات

رغم ما يمتلكه جهاز الموساد الصهيوني من هالة كبيرة؛ بسبب نجاحه في تنفيذ العديد من الاغتيالات والعمليات الخارجية، لكنه كجهاز تجسسي سري يعمل في "الظلمة" بعيداً عن الأضواء، وخارج أطر الرقابة القانونية والقضائية، أصابه الكثير من مظاهر الفساد والترهل والتضخم، كما اعترف العديد من كبار مسؤوليه السابقين.

ولعل ما يمنح هذه السطور بعضاً من الصدقية محاولة الاغتيال الفاشلة الأخيرة لقيادي من حماس في جنوب لبنان، وقدرة الأمن اللبناني على كشف تفاصيل المحاولة، بما فيها أسماء وهويات عناصر وضباط الموساد الضالعين في هذه العملية.

مع العلم أنه بعد كل فضيحة كبرى، أو فشل ذريع تعرض له، لضرورة إجراء إصلاحات وإعادة تنظيم جذرية لأقسامه وهياكله، وحتى مهامه ووظائفه، علماً بأنه لا يتم الإعلان عن حجم ميزانياته التي تنفقها عليه خزينة الدولة.

ارتبط اسم الموساد بسلسلة طويلة من الإخفاقات والعمليات الفاشلة التي هزت صورته -بجانب سلسلة طويلة من النجاحات- وتسببت مراراً بحرج بالغ للكيان الصهيوني، وأحيانا ألحقت ضرراً بعلاقاتها على المستوى الدولي، ومن أبرزها:

في تموز عام 1973، اغتال الموساد خطأ في منتجع "ليليهامر" في النرويج نادلا مغربياً، اعتقدوا أنه أبو حسن سلامة، المسؤول عن منظمة أيلول الأسود، واعتقلت السلطات النرويجية إثر الحادث عدداً من الصهاينة، وحكم بالسجن على ثلاثة منهم أدينوا بالاشتراك في العملية.

أدت معلومات خاطئة قدمها الموساد إلى قيام طائرة حربية صهيونية في آب عام 1973 باعتراض طائرة ركاب مدنية ليبية، وإجبارها على الهبوط في دولة الاحتلال الصهيوني، ظناً منهم أن زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جورج حبش، موجود على متنها، فتبين أنه لا يوجد بين ركابها أي مسؤول في المقاومة، ما سبب حرجاً بالغاً في حينه للدولة.

يتهم الموساد بأنه ساهم في جر دولة الاحتلال وإقحامها في المستنقع اللبناني عام 1982، بتقديمه معلومات خاطئة وأحكاما مضللة عن الوضع هناك، خاصة ما يتعلق بقدرات حلفائها في "المليشيات المسيحية المارونية".

في أبريل/ نيسان 1991 ، ألقى شرطي قبرصي القبض على أربعة من عملاء الموساد يحاولون وضع أجهزة تنصت داخل سفارة إيران بنيقوسيا، ثم أفرج عنهم بالكفالة، بعد تسوية توصلت لها مع الكيان الصهيوني.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 1985، أوقفت السلطات الأمريكية "جوناثان بولارد" اليهودي الأمريكي، المتهم بكونه عميلاً سريا للكيان الصهيوني، وبحكم عمله مهندساً في البحرية الأمريكية بتزويد الموساد بوثائق ومعلومات سرية وحساسة، وأدانته محكمة أمريكية بتهمة التجسس لحساب الكيان الصهيوني، وحكمت عليه عام 1987 بالسجن المؤبد. وفي منتصف التسعينيات، منحت دولة الاحتلال الصهيوني عميلها الجنسية الصهيونية في نطاق ضغوطها على السلطات الأمريكية لإطلاق سراحه.

في يناير/ كانون الثاني 1997، تم في دولة الاحتلال توقيف "يهودا غيل"، عميل سابق بارز في الموساد، اتهم بإمداد المسؤولين عنه طيلة سنوات عديدة بتقارير مضللة ومعلومات ملفقة، نسب فيها إلى سوريا نوايا عدوانية لا وجود لها، ما وضع البلدين أواسط التسعينيات مرتين على حافة اندلاع حرب بينهما، خاصة صيف عام 1996، واعتبرت القضية فضيحة كبيرة للموساد.

في 25 أيلول سبتمبر 1997، اعتقل الأردن اثنين من عملاء الموساد؛ إثر مشاركتهما في محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، واحتجت كندا على استخدام الموساد جوازات سفرها أثناء المحاولة، واضطرت دولة الاحتلال للاعتذار للبلدين، وإطلاق سراح مؤسس حماس، الشيخ أحمد ياسين، بعد سجن ثماني سنوات، مقابل الإفراج عن عميليها.

في سويسرا 1998، أخفق فريق من عملاء الموساد في تنفيذ مهمة تجسسية خاصة، في مدينة "بيرن"، استهدفت زرع أجهزة تنصت في شقة مواطن لبناني ينسب له الارتباط بعلاقة تعاون لحساب حزب الله، وأوقفت السلطات السويسرية، وسجنت أحد العملاء الذين ضبطوا متلبسين بالمحاولة.

فضيحة الموساد في نيوزيلاندا انفجرت في تموز/ يوليو 2004، حين قررت دولة الاحتلال القيام بعمليات اغتيال ضد قادة حزب الله والتنظيمات الفلسطينية، خاصة في لبنان وسوريا، ولهذا الغرض حاولت الحصول على جوازات سفر لدول محايدة لا تثير الشبهات، منها نيوزيلاندا، إلا أن المحاولة كشفت، وتم ضبط مواطنين صهاينة متلبسين، وحكم على المتهمين بالسجن 6 أشهر.

كما تتجلى الإخفاقات الاستخباراتية في الممارسة الفاشلة لجهاز الموساد، الذي أشرف على العديد من العمليات الأمنية العسكرية الخارجية، من أهمها:

أ- أخفق الموساد والدوائر الأمنية الصهيونية في التوصل إلى أن المجلس الوطني الفلسطيني سيتبنى سياسة جديدة لحل النزاع سياسيا مع الكيان الصهيوني.

ب- جهازي الاستخبارات والموساد فوجئا بسقوط سور برلين، وانهيار النظام السوفيتي، وانحلاله أيضا.

ت- أخطأ التقدير الاستخباري في التحقق من وقف إطلاق النار في حرب العراق – إيران عام 1988، وافتراضه أن بغداد ستحتاج فترة طويلة من الانتعاش وإعادة التنظيم، بعد ثمانية أعوام من الحرب المنهكة، وجاء احتلال العراق للكويت عام 1990، "ليلطم هذا التقدير المتفائل على وجهه".

ث- تعرضت دولة الاحتلال لصواريخ عراقية عام 1991، وعدم انطلاق تقديرات استخبارية حول الأمر، أدى لبروز أزمة في العلاقات مع واشنطن.

ج- الاستخبارات العسكرية الصهيونية لم تكن شريكة سراً بمفاوضات أوسلو مع منظمة التحرير في 1993.

ح- عام 1996، أخطأت الاستخبارات الصهيونية في تقديرها حول حركة القوات السورية في هضبة الجولان.

خ- مفاجأة الدوائر الأمنية بأحداث النفق في المسجد الأقصى في سبتمبر/ أيلول 1996.

د- أخطأ الموساد في تقديراته المتشائمة بشأن العمل العسكري المتوقع لحزب الله عقب الانسحاب من جنوب لبنان في مايو/ أيار 2000.

ويرى عدد من المسؤولين الأمنيين والعسكريين الصهاينة، على رأسهم الجنرال متقاعد "شلومو غازيت"، أن هناك ثلاث مشاكل تنشأ لدى الموساد، وتؤدي لفشله الاستخباراتي تتمثل في:

–  تدفق المادة الخام غير الدقيقة إلى القادة.

–  توزيع المادة الاستخبارية على محافل البحث، وبعثرة معلوماتها، وعدم الخروج بتقدير جيد.

–  الترهل الإداري الذي يلعب دوراً هاماً في عملية الإخفاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى