عين على العدو

عودة لمصير منظمة التحرير

الرؤى المتداولة بخصوص مصير منظمة التحرير تراوح بين حدين.. أحدهما ينادي باستمرارية ما هو قائم والبناء عليه بعد إعادة النظر في فضائله ونقائصه.


 


والآخر ينحو للقطيعة معه وهجرانه وإحلاله بغيره. بيد أن لدينا بالخصوص بعض الملاحظات التي قد تفيد: الأولى، أن الحياة السياسية الفلسطينية لم تعدم منذ العشرية الثانية من القرن العشرين وجود إطار يدعي بقدر من الصدقية التحدث باسم فلسطين. فثمة اللجنة التنفيذية العربية (1919 – 1934)  ثم اللجنة العربية العليا (1936 – 1946) فالهيئة العربية العليا (1946 – 1940) فحكومة عموم فلسطين (1948 – 1964) وصولاً إلى منظمة التحرير (1964). هناك إذن ديمومة وتواصل في ما يدعى بالكيانية السياسية الفلسطينية.


 


لكن ما يلفت الانتباه ـ وهذه هي ملاحظتنا الثانية ـ التحولات المتواترة وعمليات الاستبدال التي كانت تجرى كل عدد من السنين قبل نشوء المنظمة، ثم الاستقرار غير المنكور على المنظمة. فهي وحدها تستأثر بنصف الحقبة الممتدة منذ 1919 إلى يومنا هذا. السؤال المنطقي هو لماذا؟ ما الذي أبقى على المنظمة رغماً عن المناخات المتغيرة، الهوجاء أحياناً، التي عاشت في كنفها فلسطينياً وعربياً (وإسرائيلياً) ودولياً؟


 


الملاحظة الثالثة، أنه قد لا يمكن استبصار إجابة معقولة عن السؤال السابق، من دون التأمل ملياً وبأقصى مستويات التجرد الممكنة في أسباب قيام الكيانات السابقة على المنظمة وقعودها. وقد يعجل البعض بالقول إن جل تلك الأطر ارتبط بشخوص زعمائها. غير أن هذه المقاربة، على وجاهتها الظاهرية، لا تكفي لتحليل الظاهرة. فالحاج أمين ترأس الهيئة العربية التي ورثت اللجنة العربية، وظهرت حكومة عموم فلسطين كممثل لفلسطين قبل غياب الهيئة العربية، ولم تذهب ريح المنظمة باستقالة الشقيري في نهاية عام 1967.


 


مؤدى ذلك، وجود أسباب موضوعية، غير العوامل الشخصانية القيادية، هي المسؤولة عن تغير الكيانات الفلسطينية الجامعة ووراثة هذه النظم لبعضها تباعاً. فما هي تلك العوامل؟ وما موجبات التحول من نظام إلى آخر؟


 


ثم هل كان ذلك تحولاً ظاهرياً أم جذرياً؟ وما تداعياته على مسار القضية الوطنية ومصيرها؟ هل أدى إلى نقله موضوعية فارقة على هذا الصعيد، وفي أي اتجاه: للانتكاس أم إلى آفاق أفضل؟ نحسب على كل حال أن محصلة هذه الملاحظات، وكل ما تحويه من تساؤلات سوف ترفع حسنات المنظمة في ميزان المتشاكسين حول مستقبلها. فهي بمقاييس الإنجاز والإجماع الوطني الذي دار في فلكها والوظائف التي اضطلعت بها، تكاد تكون خارج المنافسة مقارنة بسوابقها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى