في العمق

عملية سرقة الوثائق من إيران .. هل فعلها الموساد وحده ؟!

المجد – خاص

قبل أيام، عقد رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو مؤتمراً صحفياً تفاعلياً كشف فيه النقاب عن عملية استخباراتية وصفها أنها "تاريخية"، وأن الموساد حقق فيها إنجازاً كبيراً على حد وصفه.

خلال المؤتمر كشف نتنياهو أن "جهاز الموساد" حصل خلال العملية على نصف طن من الوثائق، أي (55) ألف وثيقة، و (55) ألف ملف، بالإضافة إلى (183) قرص مضغوط يحوي صوراً ووثائق حول البرنامج النووي الإيراني.

للوهلة الأولى قد يصاب القارئ بالذهول، هل فعلاً استطاع "الموساد" تحقيق هذا النجاح وحده؟ وما هي القدرات الخارقة التي يملكها عناصر الموساد؟ وهل تقوم دولة نووية بتخزين وثائقها السرية ويتم سرقتها بهذه السهولة؟

الواضح من خلال المتابعة أن هناك شكوكاً كبيرة حول عملية الموساد في إيران، هذه الشكوك نستطيع الحصول عليها من سرد الإعلام الصهيوني لطبيعة العملية ، التي نشر محللوها مقالات شككت بمجهودات الموساد فيها.

نبدأ بسرد هذه الشكوك من خبر نشر على لسان عائلة الأسير الصهيوني لدى المقاومة في غزة "هدار جولدن"، حيث تساءلت كيف يمكن للموساد الحصول على الأرشيف النووي الإيراني بينما تفشل أجهزة الأمن الصهيونية  في الحصول على معلومات حول الجنود في غزة؟!

لكن هذا ليس كافٍ للتشكيك بعملية الموساد، بل إن هناك مجموعة من الشواهد التي تقلل من هذا "الإنجاز" الذي تدعيه حكومة نتنياهو، وتضخم من خلاله أمر الموساد وعملياته، ومنها:

1. خلال المؤتمر، قال نتنياهو إن المستودع الذي كان يحوي الوثائق السرية كان بلا حراسة طيلة فترة المراقبة، فهل يمكن لدولة نووية أن تضع وثائقها السرية بلا حراسة؟، وفي نفس الوقت قال إن مراقبة المستودع استمرت عامين متتاليين، فلماذا لم يقتحم الموساد هذا المستودع ويستولي على الوثائق فور تأكده أن المكان بلا حراسة؟؟

2. نتنياهو قال خلال مؤتمره أن عملية المراقبة بدأت منذ (شباط 2016)، وعرض صورة جوية لمكان المستودع المستهدف من العملية، لكن الصورة –وفقاً لأرشيف جوجل- تعود إلى (خريف 2015)، أي قبل العملية بأربعة شهور على الأقل، فكيف يريد نتنياهو إقناع الجمهور بأن هذه الصورة ضمن العملية؟؟

3. حسب الصورة الجوية لمكان العملية، تظهر منشآت حيوية قد تشكل عائقاً أمام الموساد في تنفيذ عمليته، إذ أن هناك مطعم شعبي، ومخزن لشركة سيمنس الألمانية، ونادٍ للفروسية، بالإضافة إلى وجود "مسجد" .. ومن المعروف أن كل مسجد في إيران يحوي نقطة "التعبئة الخاصة – الباسيج" والتي تهتم بتأمين الأحياء والمناطق والمنشآت في إيران، وتبلّغ عن أي تحرك غير عادي، فهل غفلت وحدات الباسيج عن ملاحظة أي تحرك غريب في المنطقة؟

4. قالت مصادر صحفية صهيونية أن الوثائق جرى نقلها لخبراء في وكالة المخابرات الأميركية CIA، وخبراء في المخابرات الخارجية البريطانية بهدف تحليلها، هذا يعني أن الوثائق نقلت على فترات وليس دفعة واحدة كما يزعم نتنياهو!

5. ذات المصادر الصحفية أكدت أن الموساد استعان بأجهزة الاستخبارات الفرنسية والألمانية التي تتمتع بوجود عناصر بشرية لها في إيران، وهذا يؤكد أن الموساد لم يقم بالعملية لوحده.

6. الصحافة الأجنبية (نيويورك تايمز) في تقريرها عن العملية قللت من حجم الإنجاز، إذ قالت أن الموساد الصهيوني استحوذ على وثائق عن البرنامج النووي الإيراني من خلال اختراق إلكتروني لأجهزة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أي أن كثير من الوثائق معروفة لدى الوكالة ولم يحصل عليها الموساد من خلال عمليته في إيران.

7. الصحافة الصهيونية والأجنبية أوردت أن الموساد سعى لتوظيف مصادر بشرية في إيران، ومن خلال المتابعة يمكن القول أن هذه المصادر البشرية إما أن تكون مجموعات "مافيا" أو شركات أمنية متخصصة تتبع عملاء إيرانيين، أو مخابرات دولة أخرى تعمل في إيران، ما يعني أن الموساد اتكأ على جهد غيره في هذه العملية.

8. الوثائق لم تأتِ بجديد، فأغلبها تتحدث عن مشروع "عماد" العسكري الإيراني، وهذا المشروع معروف لدى الوكالة الدولية منذ 2011، أي أن نتنياهو يحاول تضليل الدول الغربية، لكن هذه الدول قللت من حجم الإنجاز وقالت أن ما تحدث به نتنياهو موجود لدينا مسبقاً، وأن إيران لم تحرز تقدماً في برنامجها منذ عام 2009.

في خلاصة هذا التقرير، يمكننا القول أن نتنياهو ومن خلال "عرضه الصبياني" أراد تحقيق أهدافاً أخرى، تتمثل في تضخيم قوة جهاز الموساد، وأنه يعمل في بيئات شديدة الخطورة ويحقق إنجازات .. وهذا ما أثبتنا عكسه خلال التقرير، إذ أن الموساد استعان بــ (4) أجهزة استخبارات لتنفيذ هذه العملية ولم يكن وحده.

كما أراد نتنياهو تحقيق ضغط على الإدارة الأمريكية من أجل إلغاء اتفاقها النووي مع إيران، سيما وأن إيران باتت في موقع الهجوم واقتربت كثيراً من حدود الكيان الصهيوني وباتت تشكل خطراً عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى